العربية بوصفها لغة القرآن الكريم، والشريعة بوصفها القانون المقدس الذى نزل به الوحى والتاريخ بانتصاراته المجيدة وامبراطوريته. وهى تغض الطرف عن التنوع العرقى وتنوع الأجناس التى تضمها الجامعة الإسلامية. ومن هنا ظل هناك تعارض قائم بين القومية الحديثة بطابعها الإقليمى والجامعة الإسلامية، ومن هنا اتجهت جهود الداعين للقومية إلى إيجاد توافق بين الفروق المختلفة والبحث عن تكامل بين العروبة (قلب القومية) والدين. وكل ما يمكن تحقيقه هو ترجمة التضامن الإسلامى المتمثل فى "الإسلام" إلى وحدة الأمة العربية ولكن لكى يتحقق ذلك ينبغى أولا إسناد دور للعرب فى مقابل غير العرب داخل الإسلام. وقد كان هذا هو الشغل الشاغل لعبد الرحمن الكواكبى (توفى ١٩٠٢ م) والشيخ محمد رشيد رضا (توفى ١٩٣٢ م) فى أوائل هذا القرن، ثم جاء بعدهما عبد الرحمن البزاز (توفى ١٩٧١ م) وقد حاولوا جميعا التدليل على أنه لا تناقض بين الإسلام والقومية العربية. فمن الناحية النظرية لا تشكل العلاقة بين الدين والدولة أية مشكلة فى الإسلام -فلقد سبق للإسلام أن أسس دولة وبنى إمبراطورية. فليس غريبا إذن أن يكون ثمة مزج حديث بين الإسلام والعروبة.
والقومية بحكم تعريفها مفهوم علمانى أو فكرة علمانية، يقف وراءها -على الأقل فى أوربا- تفكير فلسفى ونزعة علمانية، وسلطة ممنوحة للدولة بدءا من العصور الوسطى ومرورًا بعصور النهضة والإصلاح الدينى والتنوير أما القومية العربية فإن أسسها إسلامية لأنه لا توجد أسس فلسفية أو فكرية تقوم عليها العلمانية العربية مماثلة لتلك التى تملكها العلمانية الأوربية -على أن الحرب العالمية الثانية ونتائجها هى التى عجلت بظهور حركة القومية العربية وكثرة المؤيدين لها. وكانت النتيجة تكوين الجامعة العربية فى عام (١٩٤٦/ ١٩٤٧ م) وهى منظمة تضم الدول العربية المستقلة وعلى حين أن الباعث على نشأة "القومية العربية" إبان الحرب العالمية الأولى مصدره