الأسر الحاكمة ولا شأن له بالايديولوجيين فسوف نجد أنها قد تحولت فى أثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها إلى قوة أيديولوجية وعلمانية -وقد أصبح الكاتب الأول فى هذا الموضوع هو ساطع الحصرى الذى قدم مفهوما للقومية العربية ذا نزعة رومانسية ومثالية، وذلك فى محاولة منه لإخراج الدين من الفكرة القومية واستعار من روسو وهيجل وماتزينى مفهوما روحيا للأمة مفاده شخصية الدولة بوصفها ضرورة تاريخية، والقومية بوصفها مبدأ عاما وسابقًا عليها فى الوجود. لقد استعار ساطع الحصرى مفهوما أوربيا وأجنبيا للأمة، وجعل من القومية بمشاعر الرومانسية تجسيدا لقداسة الشخصية القومية، وأصبح الإسلام عنده "ثقافة قومية" للعرب وليس مجرد دين لهم. وكتب آخرون عن القومية العربية بنفس الروح الرومانسية. فالعلايلى أكد الوعى الكامن عند العرب بوجودهم الاجتماعى" والبزاز يرى أنه لا تناقض بين "القومية الحقة والدين الحق" وعبد اللطيف شرارة يصف القومية العربية بأنها عاطفة -فالأمة واقع بشرى وليس واقعا جغرافيا. وهى أوسع مفهوما من الدولة أو الشعب أو الوطن، ولذلك كان الشعور بالعروبة يتجاوز الحدود الجغرافية ويعلو عليها لاسيما وأن الإنسان ليس مجرد بدن بل هو "عقل وروح". ويعلن ميشيل عفلق -وهو مسيحى، وأحد المشاركين فى تأسيس حزب البعث- أن القومية العربية هى "الحب الذى يفوق كل شئ آخر" لذلك فإن الأمة العربية تشكل كيانا سياسيا واقتصاديا وثقافيا بصرف النظر عن التقسيمات القائمة -وبعد عام ١٩٤٨ م أدى الصراع العربى الإسرائيلى بالقومية العربية إلى مزيد من التعمق، كما أنه فى نفس الوقت أدى إلى وقوع انقسام فى القومية العربية. وبحلول عام ١٩٤٩ م تمت الإطاحة بأنظمة الحكم العربية القديمة، وظهور حركات جماهيرية ترفع شعارات أيديولوجية مثل حركتى البعث والناصرية وهى تنادى بحتمية