وبسبب كثرة أهل القيروان لم يعد نظام الماء الذى نظم منذ عهد هشام بن عبد الملك (١٠٥ - ١٢٥ هـ/ ٧٣٤ - ٧٤٣ م) كافيا لسد احتياجات المدينة ولذلك تم بناء خزانات عديدة للمياه [المواجل] فى عهد الأغالبة، ولا تزال بقايا الماجل العظيم الذى أسسه أبو إبراهيم أحمد (٢٤٢ - ٢٤٩ هـ / ٨٥٦ - ٨٦٣ م) عند باب تونس تبعث على الاعجاب، وكان هذا الماجل أعظم المواجل الخمسة عشر شأنا وأفخمها منصبا على حد قول البكرى [المغرب، ص ٢٦].
وقد تمت زيادة وتوسعة الجامع الكبير -الذى يعد أقدم وأعظم العمائر الدينية فى الغرب الإسلامى- فى فترات كثيرة حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.
واكتسب شكله الحالى ونسبه المعمارية فى القرن ٣ هـ/ ٩ م [أى فى عهد الأغالبة] باستثناء بعض التفاصيل ومنها مئذنته [الصومعة] التى من المحتمل أن تكون قد بقيت فى عهد هشام بن عبد الملك. وقد قام زيادة اللَّه الأول فى سنة ٢٢١ هـ/ ٨٣٦ م بهدم الجامع بكامله وإعادة بنائه من جديد باستثناء المئذنة التى بقيت على حالها فضلا عن الاحتفاظ بنفس حدوده الخارجية التى كان عليها منذ عهد عقبة ابن نافع، كذلك قام أبو إبراهيم أحمد بالزيادة فيه وبزخرفته فى سنة ٢٤٨ هـ/ ٨٦٢ - ٨٦٣ م ومنذ ذلك الوقت لم تغير أعمال الترميم والزخرفة شيئا من مظهره الأصلى. وقام المعز بن باديس الزيرى بإهداء الجامع المقصورة الحالية [وتعد أقدم مقصورة باقية فى العمارة الإسلامية]. ومن الترميمات والزخارف الأخرى للجامع ما حدث فى عهد الحفصيين وكذلك خلال القرون ١٧ - ١٨ - ١٩ م. أما أحدث الترميمات التى أجريت مؤخرا فترجع إلى ما بين عامى ١٩٧٠ - ١٩٧٢ م.
وأصبحت القيروان فى القرن ٣ هـ/ ٩ م أحد المراكز الرئيسية للثقافة الإسلامية، كما كانت تمثل هى والكوفة والمدينة الحواضر الثلاثة الكبرى للعلوم