فى المهدية وقاهوا بنهب القيروان وذلك فى غرة رمضان ٤٤٩ هـ/ أول نوفمبر ١٠٥٧ م أى بعد يومين من مغادرة المعز لمدينة صبرة.
ويمثل منتصف القرن الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى نقطة تحول فى تاريخ ليس فقط القيروان ولكن كل إفريقية أيضا حيث يحدد هذا التاريخ نهاية فترة مزدهرة تماما من جهة وبداية فترة أقل ازدهارًا من جهة أخرى، فقد سيطر البدو على مقاليد الأمور فى البلاد حتى القرن التاسع عشر الميلادى وتحولت القيروان فى ظل هذا المناخ العام من مدينة رئيسية كبرى إلى مدينة فقيرة، كما استمرت هجرة أهلها وأخذت مساحتها فى التقلص والانكماش، ويذكر الإدريسى (من منتصف القرن السادس الهجرى) أنه لم يتبق من القيروان سوى أطلال عبارة عن أسوار غير كاملة من الطوب تحيط بها، كما قام البدو (العرب الرحل) بفرض ضرائب باهظة على الأهالى الذين لم يكن لهم حول ولا قوة، كذلك اختفت كل من رقادة وصبرة تماما، وعموما فقد أصبحت المدينة فى أسوأ حالاتها.
وسرعان ما تمتعت المدينة بفترة السلام النسبى خلال عهد الموحدين وبصفة خاصة خلال عهد خلفائهم من الحفصيين مما أتاح للمدينة أن تنتعش قليلا.
ودعمت بأسوار أفضل فى القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى. ومع بزوغ حركة المرابطين بدأت المدينة تمتلئ بالزوايا، وقد شكلت العناصر البدوية النسبة الكبرى من سكان المدينة ولكنهم لم يكونوا على درجة كبيرة من التحضر.
والحق أنه بدأت فى القيروان حياة جديدة وإن اتصفت بمستوى شديد التواضع إذا ما قورن بعظمتها السابقة. وأصبحت القيروان سوقا ومركزا تجاريا للبدو، وبالرغم من تواضع أسواقها إلا أنها استمرت فى عرض المنتجات الهامة مثل الجلود والملابس والمعادن.