صبرة. وازدادت مساحة المدينة فى ذلك الوقت وأصبح يقطعها ١٥ دربا كما ازداد عدد سكانها.
ثم أصيبت القيروان بعد ذلك (مثلها مثل باقى إفريقية) بحالة من الجمود وهو الأمر الذى أدى فى النهاية إلى تدهورها. إن انتقال الخلافة الفاطمية إلى القاهرة (فى سنة ٣٦١ هـ/ ٩٧٢ م) كان ضربة قاضية لإفريقية حيث حمل الفاطميون معهم كنوزهم المعدنية الثمينة إلى مصر كما فقدت القيروان للأبد دورها كعاصمة وتعرضت القيروان بعد ذلك ببضعة عقود وبالتحديد فى سنة ٣٩٥ هـ/ ١٠٠٤ - ١٠٠٥ م إلى المجاعة والوباء المدمر وما ترتب على ذلك من هجر السكان للمدينة وإصابتها بالشلل واتجه البعض منهم إلى صقلية.
وأجبر التجار بعد ذلك ببضعة سنوات وبالتحديد فى سنة ٤٠٥ هـ/ ١٠١٤ - ١٠١٥ م على نقل تجارتهم إلى صبرة كما تقلصت مساحة المدينة ورجعت إلى ما كانت عليه فى زمن عقبة ابن نافع.
وإذا كانت المعلومات المتوفرة بمصادرنا صحيحة فإن مساحة المدينة قد انكمشت إلى ثلث ما كانت عليه وقت ازدهارها، وإن كان ذلك لم يمنع ظهور بعض الأسماء اللامعة فى شتى المجالات مثل ابن أبى زيد القيروانى (توفى ٣٨٦ هـ/ ٩٩٦ م) والقابسى (توفى ٤٠٣ هـ/ ١٠١٢ م) فى مجال الفقه المالكى والطبيب ابن الجزار (توفى حوالى ٣٩٥ هـ/ ١٠٠٤ م) والمؤرخ ابن الرقيق (توفى بعد ٤١٨ هـ/ ١٠٢٨ م) والفلكى ابن أبى الرجال (توفى حوالى ٤٢٦ هـ/ ١٠٣٤ - ١٠٣٥ م) والذى ترجم كتابه "أحكام النجوم" إلى اللاتينية والعبرية وغير ذلك.
كما ظهر من الشعراء ابن رشيق القيروانى (توفى ٤٥٦ هـ/ ١٠٦٤ م) وابن الشريف (توفى ٤٦٠ هـ/ ١٠٦٧ م) وآخرون غيرهم، ولكنهم كانوا آخر الشموع المضيئة فى مدينة تحتضر.
وكانت آخر الضربات التى وجهت للمدينة من قبل الهلاليين الذين استقروا