القرن الرابع قبل الميلاد وسموها "برج سترابو". ثم جاء هيرودوس الكبير فبناها سنة ١٣ أو ١٠ ق. م. وسماها بقيصرية تمجيدا لمولاه أوجستوس [قيصر]، وسرعان ما اندثر الاسم القديم ونسيه الناس، وازدهرت هذه المدينة الجديدة ازدهارًا يرجع الفضل فى بعضه إلى ما تتمتع به من مرفأ لطيف يعتبر الميناء الأساسى لسبسطية وكانت معقلا للقوة الهيلينية الرومانية رغم -سكانها اليهود وما كانت تتمتع به من تعليم يهودى حتى أن جزءا من التلمود الفلسطينى كتب بها، وظلت حتى دخول العرب فيها تعتبر عاصمة ولاية فلسطين الرومانية ثم البيزنطية وعُدت مركزا هاما من مراكز تعليم التعاليم المسيحية بفضل أسقفيتها واعتبارها معقل الأسقفية كلها، فلما كان القرن الرابع الميلادى تولى أسقفيتها "بوسيبوس".
إن أخبار فتح قيصرية الواردة فى المصادر الإسلامية متأثرة بالحقيقة الثابتة إلا وهى أن هذه المدينة المنيعة الحصانة والتى تتمتع بقوة دفاع عظيمة كانت تعتبر فى عيون المسلمين جماع القوة المسيحية والبيزنطية فى فلسطين، وأنها آخر ما قد يمكن أن يقع من الأماكن فى أيدى العرب ولما سقطت فى أيديهم كان هذا السقوط ذروة النجاح الإسلامى فى فلسطين لذلك فإن ما ورد عنها من الأخبار فى هذه المصادر يفوق فى كمه وتفصيله الأخبار المتعلقة بالقدس، ولقد بولغ فى تقدير عدد المدافعين عنها تمجيدا لهذا الفتح، وحتى ليذهب خبر من الأخبار للقول بأن من حوصروا بها كانوا ٩٣٠٠٠٠ مقاتل إزاء سبعة عشر ألف مسلم (فتوح البلدان للبلاذرى ٣١، ولكن انظر بارهبريوس حيث يقدر عدد المدافعين عنها بسبعة ألاف رجل فقط) وقد ظل عمرو بن العاص قائما على حصارها حتى غادرها إلى مصر، وكان معه فى الحصار عياض بن غُنم.
وقد جاء فى أسد الغابة أنه هو الذى فتح الجزيرة وصالحه أهلها وهو أول من اجتاز الدروب، وقد مات سنة عشرين للهجرة وكان إسلامه قبل الحديبية وشهدها، وكان يسمى؛ زاد الركب.