المغولى". وأصبح ملقى على عاتق التجار الفرنجة والكارمية حلّ مشكلة القرصنة، وصار على الأولين معالجتها فى البحر والمحيط الهندى وكذلك مواجهتهم مثل هذه الصعوبات فى الطرق الصحراوية فى إفريقية وآسيا، ثم كانت مشكلات المدن، فمدن الغرب المسيحى فى هذه العصور الوسطى كانت تناضل من أجل تحرير نفسها من اللوردات الإقطاعيين على حين أن المدن الإسلامية فى الشرق كانت خلال هذه الفترة ذاتها واقعة تحت سيطرة السلطات المركزية وفى قبضة حكامها، ومن هنا فإنه من الصعب مقارنة دور التاجر الكارمى السياسى بدور منافسه الأوروبى.
وكان التجار الكارمية خلال العصر الصليبى أعظم تجار الجملة، وكان أبرزهم فى النواحى السياسية والاقتصادية والدينية يطلق عليه لقب "كبير" أو "رئيس تجار الكارم" ويعامل باحترام كبير فى جميع الأقطار التابعة لمصر وكذلك فى مجلس السلطان، وعلى الرغم من أن المصادر المعاصرة لا تساعدنا على تقرير الطريقة التى يختار "الرئيس" أو "كبير الكارمية" على أساسها ولا تمدنا بكيفية ممارسته لسلطانه إلا أننا نستطيع تكوين فكرة عامة من قصة ذكرها ابن حجر العسقلانى فى كتابه "إنباء الغمر" من أن التاجر الكارمى الكبير زكى الدين الحزّوبى -فى عودته من الحجاز إلى مصر سنة ٧٨٦ هـ (= ١٣٨٤ م) أهدى هدايا كثيرة، فيقول ابن حجر: قدم زكى الدين الحزّوبى من المجاورة فأهدى للسلطان هدايا جليلة ولغيره من الأمراء، ووقع بينه وبين شهاب الدين الفارقى -أحد أعيان التجار اليمنيين- وهو أخو شرف الدين وزير صاحب اليمن- فترافعا إلى السلطان، فنسب الفارقىّ زكى الدين إلى أمور معضلة، فأخرج الحزّوبى كتاب الأشراف صاحب اليمن إليه وضمنه كتاب من الفارقى يقول فيه: "إن مصر آل أمرها