إلى الفساد، وليس بها صاحب له قيمة، فلا ترسل بعد هذه السنة هدية فإن صاحبها اليوم أقل المماليك وأرذلهم" فأمر السلطان برقوق بالقبض على الفارقى وبقطع لسانه وبمصادرة أملاكه [ثم شفع فى لسانه فأطلق] وخلع على زكى الدين خلعة معظّمة واستقر كبير التجار. [إنباء الغمر ١/ ٢٢٨ تحقيق حسن حبشى] وتدلنا هذه القطعة عن الشروط التى يحتاج إليها ليلقب الواحد بهذا اللقب.
وكانت سياسة الحكومة تشجع التجار الكارميين، فكان "ناظر البهار والكارم"، مسئولًا عن الحفاظ على مصالح الكارمية فى البحر الأحمر ومصر، وعن جمع الجمارك والضرائب منهم، وقد بلغ من أهمية هذا المنصب أن كان يعهد به فى بعض الأحيان إلى الوزير أو ناظر الخاصة وكان الرأى الأخير للسلطان طالما أن الأموال المجباة من تجارة الكارم كانت تؤول إلى خزانة السلطان المؤيد شيخ محمود وأصبحت هذه الوظيفة تصدر بقرار من السلطان حفظه لنا ابن حِجّى الحموى وفيه وكلت هذه الوظيفة إلى الفقيه الشَّافعى كمال الدين البارزى.
ولما كان الصعيد قد ظل لأمد طويل هو الطريق المألوف لهذه التجارة الشرقية فهناك خطاب آخر يؤكد على والى مصر العليا "والى ولاة الصعيد" بذل الجهد والعناية الخاصة إلى ما تفرضه عليه وظيفته من الاهتمام بالجوانب الاقتصادية باعتبار الصعيد "بوابة اليمن والحجاز"، كما أن هناك مرسومًا ثالثًا يبين أهمية الأنشطة الكارمية فى مصر العليا وأن مهمة الوالي الكبرى هى حسن معاملة هؤلاء التجار ومراعاة مصالحهم.
ولما كانت سنة ٨٣٢ هـ (= ١٤٢٩ م) احتكر السلطان برسباى تجارة الفلفل والتوابل وفرض رقابة صارمة على سوقه فكان يشترى الفلفل الأسود وأنواع التوابل فى "جدة" لحسابه الخاص، ويمنع جميع التجار من