التصرف فيها قبل أن يأخذ منها لنفسه ما يشاء، كما أنه حدّ من سلطان الفرنجة فى الإسكندرية فى تجارة الكارم بشتى أنواعه بتقرير ثمن لها وأصيب تجار الفرنجة بضربة شديدة حين قرروا أن يشتروه بما يقرب من خمسين دينارًا زيادة عن سعره المعتاد مما أرغمهم على الحدّ من مشترياتهم منه، وكثيرًا ما كانوا يعودون إلى ديارهم من غير بيع أو شراء، كذلك أصيب التجار المصريون بخسائر فادحة، ذلك أنه حين أراد الكارمية منهم التعامل مع الفرنجة فى السر هددهم سنة ٨٣٣ هـ (= ١٤٣٠ م) بمنعهم نهائيًا من المتاجرة فى التوابل، ثم أمرهم بعد عامين من ذلك التاريخ بألا يتعاملوا فى آية سلعة مع الغرب إلا بإذن منه هو شخصيا، ثم قام فى سنة ٨٣٨ هـ (= ١٤٣٥ م) باحتكار تجارة الكارم فى جدة وحدّد سعرًا معينًا لبيعه للغرب، ولقد زاد من شدة دفع هذه الصعاب بين مصر والتجار الغربيين ما كان يقوم به قراصنة الكتلان والترك. ثم جاء السلطان جقمق (٨٤١ - ٨٥٦ هـ = ١٤٣٨ - ١٤٥٣ م) فحَدّد مدة إقامة تجار الفرنجة فى الموانئ المصرية فلم تكن تزيد عن ستة أشهر على الأكثر.
ويلاحظ أن تدهور موقف التجار الكارمية خلال القرن التاسع الهجرى (= الخامس عشر الميلادى) لم يكن راجعا فحسب إلى سياسة السلاطين المماليك بل وإلى تفاقم الأزمة الاقتصادية فى مصر أيضًا وإلى سياسة صاحب اليمن الملك الناصر أحمد الذى أراد أن يبسط نفوذه على الحجاز وأن يحرم مصر من مكانتها الممتازة هناك، هذا إلى جانب ما اتسم به عهده من نشر الرعب مما حمل تجار الكارم على الهروب إلى الهند أو إلى جدَّة تاركين بعض تجارتهم فى عدن.
كذلك أصيب تجار الصين ونواخذة السفن الصينية بخسائر فادحة، فقد حدث فى سنة ٨٢٣ هـ (= ١٤٢١ م) أن