المتأخرة أصبح من النادر إطلاق اسم "حىّ باب البصرة" على جميع أحياء بغداد الغربية (نستفيد هذا -على سبيل المثال- مما ذكره ابن بطوطة -وهو من رجال القرن الثامن الهجرى الرابع عشر الميلادى)، على أنه يجب ملاحظة أن طبوغرافية الكرخ وما جاورها كما هى واردة فى ياقوت ليست مطابقة تمام المطابقة لوصفها الوارد فى غيره من المصادر، ويبدو أن معلومات صاحب معجم البلدان فى الوقت الذى ألف فيه معجمه الجغرافى لم تكن من المعلومات التى يمكن الاعتماد عليها، فقد زال كثير من المواضع ولم يبق من معالمها أثر يدل عليها، وقد استمر هذا الوضع فى العصور الحديثة بالكرخ التى لم يبق منها سوى قليل من كرخ العصور الوسطى.
وهناك كرخ أخرى هامة هى المعروفة بكرخ سامرا نسبة إلى مدينة سامراء (أو سر من رأى) وهى التى صارت العاصمة الثانية بعد بغداد والتى شيدها الخليفة المعتصم سنة ٨٣٦ م على بعد ستين ميلا تقريبًا من عاصمة المنصور، وإذا كانت قد عرفت بكرخ "سامرا" فإنها عرفت أيضًا بكرخ جُدّان (انظر: ياقوت الحموى معجم البلدان، جـ ٤ ص ٢٥٥ - ٢٥٦) التى هى أقدم من سامرا وهى لا تبعد عن منطقة القصر كثيرا، غير أنه لما أخذت المدينة فى الاتساع نحو المتوكلية امتدت ما يقرب من عشرين ميلا على طول جبهة النهر، وأصبحت كرخ سامراء معسكرًا حربيا ليس فيه سوى غلمان الخليفة الأتراك بقيادة أشناس (انظر البلدان لليعقوبى ٢٥٨ - ٢٥٩ والمعجم لياقوت جـ ٤ ص - ٢٥٦) وصارت كرخ سامراء بذلك تختلف عن الكرخ الأصلية وعن بغداد ذاتها التى كانت بأكملها ناحية تجارية خالية تماما من أى أثر للجند، وزيادة على ذلك فإن الجند الأتراك كانوا يعيشون بمعزل تماما عن الأهالى ولم يكونوا أحرارا فى الزواج بمن يريدون ولكنهم يتزوجون اللائى يُخْتَرْن لهم، كما لم يكن يسمح بوجود