النظرى أساسا. إذ تُطْرَحْ الأدلة الفلسفية والكلامية ومنها تستنبط -فى أغلب الأحوال- النتائج بناء على مقارنة بين الحالات.
وموقف الجاحظ إزاء الكيمياء لم يكن واضحا تمامًا؛ فهو يتشكك فى جدواها، ولكنه يطرح سؤالًا عما إذا كان من الممكن خلال خمسة آلاف عام صنع الذهب عندما تتوافق العوامل المختلفة من نوعية العناصر والفترة الزمنية المناسبة والوضع الصحيح للنجوم. . إلخ (كتاب الحيوان). وكان يرى أنه من المفارقات أن يكون فى الإمكان صنع الزجاج من الرمال. فى حين أنه من غير الممكن تحويل النحاس والزئبق إلى ذهب وفضة على الرغم من أن حالة الشبه بين الزئبق والفضة الذاتية أشد منها بين الرمل والزجاج الفرعونى. وقد ألّف يعقوب بن إسحق الكندى كتاب "إبطال دعوى المدَّعين صناعة الذهب والفضة من غير معادنها". وهو بمثابة تكذيب لأولئك الذين يدّعون قدرتهم على الحصول على الذهب والفضة من غير خاماتهما. إذ يقول إن البشرية غير قادرة على القيام بأعمال هى مقصورة على الطبيعة. وقد رد على هذا الكتاب على الفور محمد بن زكريا الرازى.
وكان الفارابى (توفى ٣٣٩ هـ/ ٩٥٠ م) يرى أن تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب أو فضة أمر ممكن طبقا لرأى أرسطو عن الأحجار، ذلك أن أنواع المعادن تنتمى إلى جنس واحد. ولكن من الصعب بمكان تحقيق هذا التحويل، إذ أنه يستلزم دراسة شاملة للمنطق والرياضيات والعلوم الطبيعية.
وكانت نصوص الكيمياء تتخفى وراء أسماء مستعارة ورموز، لأنه لو لم يكن الأمر كذلك لكان فى مقدور أى شخص أن يكتشف سر صناعة الذهب، وبذلك يصبح الذهب بلا فائدة كوسيلة لتسديد المستحقات. وهذه الحجة الاقتصادية كان يكررها المرة تلو المرة المؤلفون اللاحقون.
ولقد عمل الجغرافى الهمدانى (توفى ٣٣٤ هـ/ ٩٤٥ م) بطريقة مشابهة ومستمدة من علم المعادن حيث كان