العويجة والأرز والموز، وأكثر ما يزرعونه كان لاستعمالهم الجماعى، ولكنهم أثروا من التجارة فى العاج والعنبر والذهب والعبيد. كما كان ببعضها صناعات محلية، ومنها ما اشتهر بصناعة المنسوجات الملونة الفاخرة. ومجمل القول إن الدهشة استبدت بالبرتغاليين حين جاءوا إلى هذه البلاد مما وجدوه من ضروب الحضارة، وقد أدركوا أن أهلها مسلمون Moors * وكانت اتصالاتهم المريبة بالحكام المسلمين فى فمبسة وغيرها جزءًا من سياستهم الرامية إلى الالتفاف حول الإسلام وتطويقه.
وكان معظم الأهالى سنيين من أتباع المذهب الشافعى الذى تفشى بينهم تحت تأثير السادة أو الأشراف الحضارمة (حضرموت) الذى استقروا بينهم وتزاوجوا معهم فى القرنين الثامن والتاسع الهجريين.
وكان الطلاب يسافرون من شرق أفريقيا إلى الحجاز وحضرموت وأحيانًا مصر ليتعلموا فى مدارسها على أيدى فقهائها المشهورين، ثم يعودون إلى ديارهم ليعلموا الأهالى العربية ويفقهونهم فى الدين والشريعة فى المساجد أو فى دورهم. ومن هؤلاء المعلمين تكونت مجموعة قوية من العلماء كان يُختار من بينهم القضاة.
وكان الأطفال المسلمون يتعلمون فى الكتاتيب تلاوة القرآن، وكيف يكتبون بالحروف العربية، ولكنهم قلما كانوا يكتبون بهذه اللغة، وأدى ذلك إلى ظهور أجيال من المسلمين من سكان الساحل الذين يتكلمون اللغة السواحلية لا العربية. وأصبحت هذه اللغة التى استمدت الكثير من مفرداتها من العربية اللغة الأولى المتداولة فى المنطقة. ونشأ أدب سواحلى متأثر إلى حد بعيد بالثقافة واللغة العربية.
وقد استمر البرتغاليون سادة على المنطقة خلال القرنين التاليين حتى أزاحهم الأهالى بمعاونة إمام عمان الذى استنجدوا به. وأخفقت جهود البرتغاليين فى القضاء على الإسلام هناك، ورغم أن بعض مصادرهم تشير إلى تحول بعض الأهالى للمسيحية، لكن كل أثر للمسيحية اندثر عندما
(*) وبالاسم نفسه اسمى ماجلان أهل جزر شرق آسيا عندما رآهم يصلون (هيئة التحرير)