رحلوا، وكان على المبشرين فى القرن التاسع عشر الميلادى أن يبدءوا المسيرة والدعوة من جديد. وكان وجود البرتغاليين عاملًا هامًا فى التدهور الاقتصادى الذى أصاب تلك الدويلات الزاهرة، فقد أساءوا استغلالها، وأحرقوا مُمبسة على سبيل المثال مرتين.
وخلف العرب العُمانيون البرتغاليين فى الهيمنة على أرض الساحل، وتمتع الشيوخ المحليون بقدر كبير من الحكم الذاتى والسلطة الحقيقية على الأراضى الخاضعة لهم، وإن كانت السيادة الاسمية لأسرة بوسعيد، أئمة عُمان.
وكان العرب العمانيون من أصحاب مذهب الإباضية، أما أهل الساحل، فكانوا من الشافعية، يمكننا أن نعزو ذلك إلى أثر الأشراف الحضارمة الذين استقروا بأعداد كبيرة بالمناطق الساحلية القرنين الثامن والتاسع الهجريين.
ورغم وجود بعض الأدلة التى تشير إلى امتداد الثقافة السواحلية فى الأقاليم الداخلية قبل القرن التاسع عشر الميلادى، لكن الإسلام لم يتوغل إلى عمق كينيا إلا بعد أن نقل أئمة عُمان عاصمتهم إلى جزيرة زنجبار، وحملوا معهم الكثير من مواطنيهم ومن الهنود والحضارمة والبلوخيين (أو البلوشيين) واتخذوا منهم حاميات عسكرية وموظفين إداريين ومحصلين للمكوس. كما وفد آخرون لاستغلال الإمكانات التجارية للمنطقة. وكان الاتجار فى العاج وقرن الخرتيت وغيرهما من منتجات الجزيرة وكذلك العبيد من الأنشطة الرابحة، وفى ظل العهد الجديد وصل النشاط التجارى إلى ذروة جديدة غير مسبوقة. وأخذت القوافل تشق إلى عمق القارة لتقايض الملابس والخرز والسكاكين والفؤوس وغيرها من المصنوعات بعلك السلع المحلية المربحة. واستخدم العبيد كذلك فى الزراعة فى الجزيرة وعلى أرض الساحل المقابلة.
وشهدت المنطقة عصرًا جديدًا من الازدهار تجسده مدينة ماليندى، التى