واعتبار وحدة اللغة فى التضاد نص عليه علماء اللغة الذين عالجوا "باب التضاد"، فصاحب "الجمهرة " قال: الشعب الافتراق والشعب الاجتماع وليس من الأضداد وإنما هى لغة لقوم.
الطائفة الرابعة - مثال: باع للبيع والشراء وشرى للبيع والشراء، وكتابة لما يقع من الكاتب ولما يقع على المكتوب، ومثل المولى للسيد ولابن العم وللخادم. ومعنى الضدية لا يكاد يوجد فى شئ من أمثلة هذه الطائفة لأن المصادر والأمور النسبية جميعًا يصح أن تنتسب إلى أى طرف من الطرفين، وإذا كان المعنى النسبى متساويًا بالنسبة إليهما سواء كان اسمه متحدًا كالولاء فإنه ارتباط ودّى يكون من السيد لخادمه كما يكون من الخادم لسيده وكما يكون من القريب للقريب ولذا يكون كل منهما مولى، وإذا اختلفت حالة ذلك المعنى النسبى بالنسبة للطرفين كان اسمه حين ينسب إلى واحد منهما غير اسمه حين ينسب إلى الآخر، أما هو فشئ واحد: فباع ليس معناها كما يزعمون بادل التى تجعلها من الطائفة الأولى، وإنما معناها مدّ باعه بالشئ للآخر وهذا العمل نسبة بين المادّ والممدود والممدود له، فكل من المتبادلين يمدّ يده بما فيها ليعطيه للآخر. وحينئذ يكون كل منهما بائعًا، ولما كثر التعامل وترتيب آثار مختلفة على طرفى هذا العمل صار معناه حين
ينسب إلى أحدهما غير معناه حين ينسب إلى الآخر، ولهذا جعل لكل منهما اسم خاص، فهو بائع إذا رغب عما فى يده من السلعة ومشتر إذا كان راغبًا فيها، ولا يضر جعل القواميس مصدر باع معنى مد يده واويا ومصدرها فى البيع والشراء يائيًا، فمصدر رأى بالعين رؤية وهو واوى وبالاعتقاد رأى وفى المنام رؤيا. والولادة حين تنسب إلى الوالد تكون أبوة وإلى المولود تكون بنوة وهى هى العلاقة بين الوالد والمولود لا تتغير، وكذلك الكتابة هى الحالة التى بين الكاتب والمكتوب، ولما كانت نسبتها إليهما على حد سواء لذلك لم تتغير سواء أكانت مصدر الفعل المبنى للفاعل أو مصدر المبنى للمجهول، فمعنى الضدية على كل حال فى شئ من المعانى النسبية لا يتحقق.