للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التجارة، خصوصا بعد عام ١٨٥٠ م، عندما نهجت شئونها التجارية نمط اتجاهات الاقتصاد الغربى، كما أن التغييرات فى قوانين الملكية التى أدخلت فى الإمبراطورية العثمانية، حفزت على تطوير المشروعات التجارية والمالية. وقد تزايد سكانها وتنوعوا، خصوصا عناصرها المسيحية وقام الفرنسيون فى منطقة الجبل، بمبادرات صناعية، وأنشأوا نظما جديدة لغزل الحرير؛ وامتنعوا عن تسليم الشرانق من أجل مصلحة مؤسساتهم، وبذلك كسروا الحلقات بين صغار الملاك والعائلات الكبيرة، وساهموا بالتالى إلى حد كبير فى تدهورها. فى حين ساعدت هذه التغييرات الاقتصادية على انعاش السكان الذين قاموا بدور الوساطة، وكان من بينهم الكثير من المسلمين، إلا أن هذه السياسة الاقتصادية جاءت بتأثير سيئ على الجماعات المتضررة، وأدت إلى تفاقم التوترات الاجتماعية والدينية. وفى عام ١٨٥٩ م، كان هناك تمرد متعلق بالأرض الزراعية، وشهد صراع الفلاحين مع الشيوخ فى كسروان المارونية. وعلى الرغم من ذلك، فقد استفاد المسيحيون جميعا من هذه التحولات، بينما حرم المسلمون والدروز جميعهم من أن يلعبوا أية أدوار؛ وعندما طالبوا "بالتساوى" الذى وعدت به الاصلاحات، أدى ذلك إلى تقوية وضع المسيحيين بتأييد من فرنسا وكنيسة روما، واستفادوا من التوسع الأوربى، الذى كان منافسا ومسيطرا على الاقتصاد التقليدى للشرق الأدنى وكان المسلمون يعتبرون كل هذه الأنشطة من جانب المسيحيين، جرائم ارتكبها أناس لم يتوقفوا أبدا عن الاستخفاف بهم، مخالفين بذلك تفوقهم فى الماضى ووجودهم الحالى. وقد وقعت حادثة فى مايو ١٨٦٠ م، فجرت الصراع بين الدروز والمسيحيين، وتبعتها اضطرابات فى "المناطق المختلطة" وفى دمشق ولتحجيم تدخل القوى الأوربية، أعاد الأتراك النظام بطريقة غاية فى الوحشية؛ وبرغم ذلك، فلم يمنع هذا من وصول قوة عسكرية فرنسية.

كانت نتائج هذه الأحداث، ووجود القوات الفرنسية حتى يونيو ١٨٦١.