للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البريطانية، وأعاد تشكيلها من خلال سياسة التنظيمات؟ منذ بداية الحكم العثمانى، انتقل المركز النشط لسوريا، من الشرق إلى الغرب، ثم انفتح اللبنانيون على أوربا البحر المتوسط، ونجح النمو الديموجرافى الذى ساعد المارونيين على الانتشار من الشمال إلى جنوب الجبل فى تحقيق هذا التوجه وقد استفادوا منه ومع ذلك، فإن الإطار الدينى والبشرى، وزراعة الأشجار، وإنتاج الأخشاب بكميات ضخمة، قد تطور بدرجة كبيرة على حساب إنتاج الحبوب، وفى بداية القرن التاسع عشر، كانت الحبوب التى يزرعها سكان الجبل فى أراضيهم لا تكفيهم لبضعة أشهر فى السنة، وكان عليهم شراء الباقى وعلى ذلك اضطروا إلى الاعتماد على الحكام الأتراك الذين كانوا يسيطرون على السهول الخصبة، وبالرغم من أن الأمراء حاولوا معالجة هذه المشكلة، من خلال توسيع نفوذهم على البقاع، إلا أن جهودهم ذهبت سدى ومن ناحية أخرى، حولت المبادلات التجارية منطقة الجبل إلى منطقة للتدوال النقدى، وقد أثر تطورها الاقتصادى بدرجة إيجابية على نمو سكانها، ولكن فى نهاية القرن الثامن عشر وخلال الأربعة عقود الأولى من القرن التاسع عشر.

وفرض الباب العالى نظاما إداريا جديدا، من خلال قوانين, عامى ١٨٤٢ و ١٨٤٥ م، حيث منح شروطا تفضيلية للسكان المسيحيين، بينما احتفظ بتقسيم الجبل، وعهد بالجزء الشمالى لقائمقام مسيحى والجزء الجنوبى لقائمقام درزى ووضع كلا الموظفين تحت سلطة الحاكم التركى، الذى كان يقيم فى ذلك الوقت فى بيروت، وكان يساعده فى مهمته مستشار. وكان التجديد الذى فرضته التغيرات فى أوربا، واضحا وراء هذه التعديلات، ووراء الصور الجديدة من تدخل ممثلى القوى الأوربية فى لبنان، خصوصا وراء أنشطة قناصل فرنسا وبريطانيا، الذين تمركزوا فى بيروت وكانت المراكب البخارية تزور هذا الميناء بانتظام بعد عام ١٨٣٥ م، بالرغم من أن المدن الرئيسية فى الداخل واجهت أزمات فى أنشطتها، إلا أنها كانت المستفيدة الرئيسية من التوسع فى