من قرية عين دارا، حطم جماعة الكيسى التابعين للأمير حيدر شهاب جماعة اليمنى؛ ومن أجل تأكيد تفوق الشهابيين، بدأ الأمير حيدر، فى ذلك الوقت فى إجراء تقسيم جديد للمقاطعات بين العائلات القوية، مقويا بعضهم ومضعفا البعض الآخر. وكان الباب العالى قادرا دائما على طرد الأمراء.
والكتب المدرسية اللبنانية تتحدث عن تاريخ شخصيتين على قدر كبير من الأهمية وهما الأمير فخر الدين المعن الثانى، والأمير بشير شهاب الثانى، اللذين كانت لهما رؤية موحدة نحو استقلال بلادهم، تسمو على الانقسامات والمصالح الأقليمية فكلاهما -أولهما فى بداية القرن السابع عشر، وثانيها فى بداية القرن التاسع عشر- قد مارسا سلطة واسعة، ففى حين استغلا ضعف وتنافس الحكام الأتراك، فقد بحثا أيضا عن دعم من الدول الواقعة فى حوض البحر المتوسط، واستعانا بالقوى الجديدة فى أوروبا. ولكن فى كل مرة، كان الباب العالى ينجح فى إجهاض طموحاتهما. فعندما أقدم فخر الدين وابنه على خطوات لتوسيع إمارته، واستعادة استقلالها الذاتى، قاومه العثمانيون بنفس الإصرار الذى أظهروه للشيعة عند رفضهم الدخول فى امبراطوريتهم، وفى محاربة الصفويين الفرس فى جبهتهم الشرقية واضطر فخر الدين للجوء إلى بلاط دوق توسكاتيا فى عام ١٦١٢ م، ثم عاد فى عام ١٦١٨ م، لكنه أسر فى النهاية وأرسل إلى استانبول حيث حكم عليه بالاعدام فى عام ١٦٣٥ م. وفى ظروف تاريخية أخرى، مات الأمير بشير الثانى شهاب أيضا فى استانبول فى عام ١٨٥٠ م، بسبب كبر سنه، بعد أن أجبر على التنازل عن سلطته عام ١٨٤٠ م، عندما قامت الحكومة العثمانية باتباع برنامج للاصلاح السياسى، ودفعت بالقوات المصرية من سوريا، ورفضت تجديد تعيينه.
ما الموقف الذى اكتشفه الباب العالى، عندما أعاد تنظيم سلطته بمساعدة التجريدة العسكرية