فقد احتفظ الباشا فى دمشق بالسيادة على طرابلس وصيدا. ولم تبد الأخيرة أية محاولة فى ممارسة السلطة المباشرة على نطاق الجبل، الذى كان من الصعب الوصول إليه، وكانت تقيم فيه جماعات منظمة تنظيما جيدا وعلى غرار الممارسة المعتادة للحكم العثمانى، اعتمد الباشا على الزعماء المحليين فى جباية الضرائب وفرض الأتاوة، وهى من أكثر المظاهر الدالة على قوة السلطان.
كانت الضريبة الأساسية، الميرى مرتبطة بأهمية الانتاج الزراعى؛ وعلى ذلك كانت تحصل عند جمع المحصول. وكانت الأراضى تؤجر، وكان المستأجر يقدم إيجارا سنويا، وكان الأمير (أو أحيانا اثنان أو ثلاثة أمراء فى آن واحد) يتعهد بهذا الدور الذى ارتبط بعائلة معن منذ زمن الغزو العثمانى وحتى الربع الأخير من القرن السابع عشر، ثم انتقل بعد ذلك لعائلة شهاب. وكان منح هذه السلطة يؤدى بالتالى إلى تفوق إحدى العائلات على الأخرى، وإلى تفوق أحد الأمراء على أقرانه؛ وكان توريد الأمير لما التزم بجمعه للباب العالى هو طريقه للاحتفاظ بمنصبه وتبعا للمبالغ الكلية التى يحددها الباب العالى والتى يطلبها الباشا، فقد كان لزاما عليه كل سنة أن يقسم المبالغ التى جباها بين المقاطعجية المسئولين عن جمع الضريبة من المقاطعة الخاضعة له. كان الأمير الكبير، يلقب أيضا بالحارم، لتأكيد سلطته على حرم جبل الشوف وكسروان. وعلى غرار العائلة الحاكمة، كان أفراد العائلات الكبيرة التى مارست السلطة على العائلات الأخرى، من ملاك الأراضى المهمين، الذين تعهدوا بمسئولية جمع الايجارات فى المقاطعة، وبذلك كانوا يضمنون سيطرتهم الاجتماعية والاقطاعية، بينما كان المقاطعجية يرهقون أنفسهم بالمنافسات الداخلية، فى محاولة فرضهم واحتفاظهم بسيطرتهم، والتى كان من أحد نتائجها المباشرة، تقسيم المجتمع إلى مجموعات متجاورة ومجموعات معارضة، والتى ساعد على إحياء مكائدها وطموحاتها، ممثلو السلطان ونتيجة لذلك، ففى عام ١٧١١ م، بالقرب