وضع المجتمع السنى جذوره الأولى، من خلال الإشعاع الدينى، والعدل، والسلطة. وفى المنطقة المدروسة هنا، كان يقيم السنيون أساسا فى الموانئ، والسهول الساحلية ووادى البقاع، وأقام أصحاب المقام الرفيع فى صيدا مع نظرائهم المقيمين بدمشق مبادلات كثيرة فى صورة بضائع، وزيجات وأخوة روحية، بينما كان للمغاربة سجل من الأنساب مع العائلات البيروتية. وشاركت الجماعات المسيحية فى تطوير لبنان العثمانى وبين جبل لبنان فى الشمال وجبل الشوف فى الجنوب، حولت حركة السكان المارونيين نحو جنوب الجبل، هذه المنطقة إلى بؤرة دينية بشكل فعال، وجعلت منها منطقة زراعية منفتحة للتجارة، وأنشأت مقاطعات حكمتها عائلات الشيوخ المارونيين واهتم المسيحيون اللبنانيون باللغة العربية وأصبحت أديرة الرهبان مراكز للتعمق فى علوم العربية تماما كما هى مراكز لدراسة الطقوس الدينية.
وارتقى بعض أعيان العرق المارونى القديم، فى درجات التسلسل الهرمى الأكليركى، بينما اكتسب البعض الآخر لقب القنصل الفخرى فى تعاملاتهم مع ممثلى فرنسا، لكنهم استمدوا احتفاظهم بقوتهم من خلال دورهم الفعال فى النظام العثمانى وبعد غزو العثمانيين لسوريا فى عام ١٥١٦ م، أبقوا على التقسيمات الإدارية لمنطقة الجبل، متبعين فى ذلك نهج أسلافهم المماليك على أساس التوزيع العرقى حيث خضع الشمال لولاية طرابلس وخضع الوسط والجنوب لدمشق حيث كانت تهيمن على المنطقة حكومة الدروز. وفى عام ١٦٦٠ م، وعلى أثر الحملات العسكرية التى قام بها الباب العالى، من أجل قمع حركات تمرد الأمراء الدروز من عائلة معن. قاموا بإنشاء بشلق جديد وأقام حاكمه عند صيدا للسيطرة على الدروز والمارونيين. وكان يضم البشلق الذى انفصل عن دمشق، الجزء الأوسط والجنوبى من سلسلة الجبال اللبنانية وشمالى فلسطين؛ ومع ذلك