للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ارتفع شطرًا الواحة فوق مستوى الوادى بسبب الترسيب. وكانت أشغال الرى فى كل من (يسران) و (أبيان) شطرى واحة مأرب قائمة بذاتها، إذ لم يتيسر تشييد سد عظيم واحد لشطرى الواحة معًا إلا بعد ذلك بوقت طويل نظرًا لصعوبة البناء عند السد الجنوبى، وقد تحقق تشييد ذلك السد وخزاناته فى عهد (سمهو على ينوف بن ذمار على)، الذى أرجعه فون فيسمان (Von Wissmann) إلى حوالى ٥٢٨ ق. م. وكان السد الذى يبعد ٨ كم إلى الجنوب الغربى من مأرب القديمة عبارة عن ترسبات تراكمت فوق الطبقة الصخرية الصلبة تغطيها طبقة من الأحجار الصغيرة المتماسكة، وكان ارتفاعه ١٦ م على الأقل بينما بلغ عرض قاعدته ٦٠ م على الأقل وطوله حوالى ٦٢٠ م. ولم يكن الهدف مجرد بناء خزان للمياه، بل قصد به رفع المياه التى يجلبها السيل مرتين فى العام بحيث يمكن استخدامها فى رى الحقول، فكانت مهمته إذن تحويل مجرى الماء لرى مساحة محددة وبصورة منتظمة. وكان ثمة قناة رئيسية طولها ١١٢٠ م تنطلق من الخزان إلى الموزع الرئيسى عند الطرف الغربى للواحة الشمالية حيث تتجه معظم المياه إلى مختلف القنوات للحقول التى يراد ريها.

ويرى برونر (U. Brunner) أن المساحة الكلية التى كانت تُروى فى الطرف الأدنى من السد كانت تبلغ ٩٦٠٠ هكتار/ ٢٤٠٠٠ فدان، فإذا اعتمدنا على نتائج إحصاء ١٩٧٥ م بأن سكان فضاء مأرب يبلغون ١٣٠٠٠ نسمة، استطعنا القول أن سكانها قديما كانوا يتراوحون بين ٣٠٠٠٠ و ٥٠٠٠٠ نسمة.

وتطالعنا النقوش التى ترجع إلى فترة سبئية لاحقة بأنباء انهيارات ألمّت بتلك السدود، وإصلاحات قام بها الملوك والحكام. وآخر النقوش التى أوردت ذكر سد مأرب العظيم نقش صخرى لابد من ربطة بنقش آخر يرجع إلى عام ٦٦٨ من الحقبة الحميرية (= ٥٥٣ م)، ويدل النص على مدى العناء الذى تجشموه فى إزالة ترسبات الطين عند السد. وتدل البحوث التى أجراها برونر (U. Brunner) على أن انهيارا آخر قد تلى الانهيار آنف