فى أراضى "قَرَخاند" بوسط آسيا. وفى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلاد) كانت هناك بعض الخلافات -حول مسائل كلامية- مع علماء الحنفية فى بخارى الذين كانوا أكثر تأثرًا بالاتجاهات التقليدية واللاعقلانية، وقد وَفَّق بينها -إلى أبعد حد- علماء الماتريدية الذين جاءوا فيما بعد إذ وضعوا لها حلولًا وسطى. وقد ظلت تعاليم الماترديدى غير معروفة -فى الواقع- فى غرب خراسان حيث كان الأحناف يناصرون مدارس كلامية أخرى منها الكثير الذى ينتمى للمعتزلة إلا أن التوسع السلجوقى نحو مركز العالم الإسلامى منذ أواسط القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى). ترتب عليه حدوث تغير جذرى. إذ بدأ العلماء الأشاعرة يولون اهتمامًا بمذهب الماتريدى فيما يتعلق بصفات اللَّه وعدوه ابتكارًا لم يظهر إلا فى عام ٤٠٠ هـ (١٠٠٩ م). وأدى الدعم العسكرى الذى تتلقاه الحنفية المشرقية ومذهبها الكلامى من الأتراك إلى وقوع صدام كبير مع الشافعية التى تطابقت أفكارها مع أفكار الأشعرية. وهذا يكشف عن السبب الذى يقف وراء قيام وعاظ خراسان بصب لعناتهم على الأشاعرة تنفيذًا لأوامر السلطان السلجوقى طغرل بك فى عام ٤٤٥ هـ/ ١٠٥٣ م كما يفسر السبب الذى يقف وراء إعدام الأشاعرة وما نشب من منازعات طائفية مسلحة واسعة النطاق بين الحنفية والشافعية فى المدن الكبرى من إيران فى أواخر العصر السلجوقى. وتتسم مؤلفات الماتريدى فى تلك الفترة بالانتقاد الشديد لفكر الأشاعرة إذ تخرجهم من عداد "أهل السنة والجماعة" وتصف بعض مذاهبهم بالكفر. ونتيجة للتوسع التركى أخذت الحنفية المشرقية وأفكار الماتريدى الكلامية فى الانتشار فى غرب فارس، والعراق، والأناضول وسوريا ومصر. وهاجر العديد من علماء الحنفية المشرقيين وأضرابهم فى منطقة ما وراء النهر إلى هذه المناطق ومارسوا التدريس فيها بدءًا من أواخر القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) وإلى القرن الثامن الهجرى