(الرابع عشر الميلادى). وبذلك بدأ مذهب الماتريدى فى الذيوع بين جماعات الحنفية فى كل مكان وانتشر فى دمشق وسوريا لأول مرة على يد برهان الدين على بن الحسن السكلكَنْدى البلخى من سمرقند (المتوفى سنة ٥٤٨ هـ/ ١١٥٣ م) حيث أرسل علماء الحنفية فى سمرقند نسخة من كتاب "العقائد" لأبى حفص النسفى مع شروح لهم واصفين إياه بأنه عقيدة "أهل السنة والجماعة" والتى كانت محل اتفاق فيما بينهم. وما إن خَفَّت حدّةُ العداء بين الحنفية والشافعية فى العصر المملوكى حتى نظم الأشعرى الشافعى تاج الدين السُبْكى (ت ٧٧١ هـ/ ١٣٧٠ م) قصيدة نونية عن نقاط الخلاف بين الأشعرى وأبى حنيفة وهو يعنى بذلك مذهب الماتريدى. وقد ذكر فى هذه القصيدة ثلاث عشرة نقطة واصفًا سبعًا منها بأنها نقاط لفظية بحتة وستًّا منها بأنها معنوية أى خاصة بالموضوع وهذه النقاط الست فى رأيه تبلغ من الضآلة حدًا لا يبرر معه تبادل الاتهام بـ "التبديع" أى الكفر والهرطقة. وقد كتب أحد تلاميذ السبكى وهو نور الدين محمد بن أبى الطيب الشيرازى شرحًا لهذه النونية. وشاع نَسْخ هذا الشرح مع الثلاث عشرة نقطة موضع الخلاف وذلك على يد أبى عُذْبه فى الكتاب الذى كتبه (حوالى ١١٢٥ هـ/ ١٧١٣ م) وهو"الروضة البهية فى ما بين الأشعرية والماتريدية".
ومن ممثلى مدرسة الماتريدى النابهين فى أواخر القرن (الخامس الهجرى/ الحادى عشر) الميلادى أبو شكور السَّلْمى الكَشِّى مؤلف كتاب "التمهيد فى بيان التوحيد"، وأبو اليسر البَزْدوى (ت ٥٩٣ هـ/ ١٠٩٩ م) قاضى سمرقند ومؤلف كتاب "أصول الدين".
وأهم من شرح وطوّر مذهب الماتريدى فهو أبو المُعين النسفى المكحولى (ت ٥٠٨ هـ/ ١١١٤ م) الذى وضع أضخم وأشمل كتاب عن مذهب الماتريدى الكلامى وهو كتاب "تبصيرات الأدلة" وهو موجز لكتاب "بحر الكلام" وكتاب "التمهيد لقواعد التوحيد".