للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منها مجاورون ليتلقوا علم الدين من الأولياء والعلماء الذين كانوا يعيشون هناك، أو ليكونوا هم أنفسهم معلمين، أو ليكشفوا عن جلية أمر الأماكن المقدسة لزوارها، ويزودوهم بالتعليم الدينى الخاص بمناسكها. وثمة معنى ثانوى للمصطلح، لا يزال يستخدم فى مصر حتى الآن، وتتعلق نشأته بالمدارس: وقد تدل كلمة مجاور فى مصر على أى طالب علم بالأزهر يأتى من الخارج، ويعيش فى أروقة هذا الجامع الشريف [Lane: جـ ١/ ٢، ص ٤٨٣, مادة: ج - و - ر (٣)؛ المؤلف نفسه The manners and customs of the modern, لندن سنة ١٨٩٥, ص ٢١٣؛ و ary of modern written H. Wehr: Diction Arabic، وهذه المادة).

والنبى نفسه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مثال للمجاور. و"لما دخل [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى السنة المتممة للأربعين من عمره الشريف، حبب إليه الخلاء والبعد عن الخلق والانقطاع إلى الحق، إذ فى العزلة صفاء القلب، فكان يتعبد بغار حراء الليالى ذوات العدد فتارة عشرًا، وتارة أكثر إلى شهر، وكانت عبادته على دين إبراهيم عليه السلام؛ وقيل بالتأمل فى عجائب صنع اللَّه؛ وقيل بالذكر. . "؛ (كان يجاور؛ ابن هشام: السيرة، جـ ١، ص ١٥٢). وتسببت هذه الممارسة -مع أهمية "الحرمين" فى الحجاز- فى ربط مصطلح "مجاور" فى المقام الأول، بأولئك الذين قد شغلوا مكان استقرارهم الورع (مجاور، وأيضًا جوار) فى مكة أو المدينة (Lane: فى المواضع المشار إليها آنفا، و Yeni Soezluek Ingilzce - Tuerkce، مادة mue, و Caveret Muecavir). ويستخدم الشيعة المصطلح بالأسلوب نفسه، باستثناء أن المجاورة، وهى بالنسبة لهم عند أضرحة الأئمة فى العراق. تكون لها أهمية أقل بصعوبة.

ويعد كثير من المسلمين الأتقياء، أن المجاورة عند مقام النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى المدينة، وعند أماكن هجوع كثير من صحابته، أحق بالتقدير من أماكنهم فى مكة.

وقد حذر بعض الفقهاء، وبينهم أبو حنيفة من الخطر الذى قد ينجم من البقاء الدائم فى جوار الحرمين (وبخاصة الحرم المكى) لأناس ليسوا راسخى الأقدام فى دينهم. إذ إن