كالظاهرية والحشوية، من طائفة السنة، ذلك أنه لا يوجد فى السنة من يعارض الاجتهاد من ناحية المبدأ، كما نقل عن ابن عبد البر.
واستمر الاجتهاد فى القرن الخامس بين الفقهاء، تابعين لمذهب أو مستقلين، وأصبح للمجتهدين نفوذ على رجال السياسة والحكم الذين كانوا يلجأون إليهم فى الفتوى. ومن ثم فقد ظهرت دراسات حول طبيعة الاجتهاد وسلطات المجتهدين فى كافة الدراسات المتعلقة بالنظم السياسية، وعلى وجه الخصوص البغدادى (المتوفى ٤٢٩ هـ/ ١٠٣٧ م) والموردى (المتوفى ٤٥٠ هـ/ ١٠٥٨ م) والجوينى (المتوفى ٥٠٥ هـ/ ١١١١ م) والغزالى (المتوفى ٥٠٥ هـ/ ١١١١ م) وغيرهم. ويرى الثلاثة الأول أن الإمام يجب أن يكون قادرًا على الاجتهاد. على أن الخلاف حول وجود المجتهدين أخذ نغمة حادة عند بعض الفقهاء، وجدده السبكى (المتوفى ٧٧١ هـ/ ١٣٦٩ م). والحنابلة وبعض الشافعية فقط هم الذين يرفضون فكرة اختفاء المجتهدين حتى من الناحية النظرية. ويرى ابن تيمية أن ثمة دورا لا غنى عنه للمجتهدين كشركاء فى السلطة السياسية.
وقد انعكس تطور مفهوم "التجديد"، والذى بمقتضاه يبعث اللَّه على رأس كل مائة عام مجددا للأمة الإسلامية انعكس على مفهوم الاجتهاد، وعلى استمراريته، حيث أن المجدد هو بالقطع مجتهد ذو مرتبة عالية. على أن مفهوم التجديد لم يحظ بنفس الاهتمام الفقهى الذى حظى به الاجتهاد فى الأدبيات الفقهية والمذهبية باعتبار المفهوم الأول أقرب للقب شرفى، لم يلعب دوره فى الفكر الإسلامى فى العصر الوسيط.
وحتى نهاية القرن الثامن لم يكن أحد من الفقهاء ينازع فى وجود مجتهد يمارس الاجتهاد من خلال مذهبه، حتى قام السيوطى (المتوفى ٩١١ هـ/ ١٥٠٥ م) على أساس نشاطه الكبير فى مجال الاجتهاد، بالادعاء لنفسه من المجددين، وقد انقسم العلماء بشأنه إلا أنه بعد رحيل هذا المجتهد الكبير وجد نقص ملحوظ فى الفقهاء القادرين على الاجتهاد من السنة، وقد