أدى ذلك إلى أن يقسم المجتهدون فيما بعد إلى سبع طبقات، لا يعتبر من المجتهدين منها سوى صنف من الطبقتين الأوليتين أو الثلاث طبقات الأول بينما يعتبر الباقون من المقلدين. وهذا التقسيم له دور أكبر لدى فقهاء الحنفية المتأثرين بفكرة اختفاء المجتهدين لدرجة أنهم أنكروا الحق فى الاجتهاد على الفقهاء التاليين. ولكن تطبيق مناهج الاجتهاد لم ينقطع، حتى وإن لم يعرف ممارسوه كمجتهدين، خاصة فى الدولة العثمانية.
وفى مطلع القرن الثانى عشر الهجرى/ الثامن عشر الميلادى، ظهرت حملة شعواء فى الدولة العثمانية والمغول فى الهند ضد من يقول بقفل باب الاجتهاد واختفاء المجتهدين ويرجع الفضل فى ذلك للحنابلة، وخاصة ابن تيمية الذى تأثر بفكره الكثير من المصلحين أو المجددين من شمال أفريقيا إلى الهند حتى أنهم أعطوا الاجتهاد مجالا من الحرية أوسع مما عرف عند تكوين المذاهب الفقهية. هذه الصحوة فى مجال الاجتهاد مدينة فى ظهورها لآفكار التجديد والإصلاح. ومن ثم فقد أعطت حركات إصلاحية نفسها الحق فى الاجتهاد كالسنوسية والوهابية وأمثال محمد عبده من المصلحين المعاصرين.
وفى الهند أخذت النظرة الجديدة للاجتهاد دفعة أشد. فتحت تأثير فكرة التجديد الدورى للأمة منذ عهد أحمد سرهندى المتوفى فى ١٠٣٤ هـ/ ١٦٢٤ م المعتبر مجدد الألف الثانية) قام "أهل الحديث" بالدعوة لإعادة اكتشاف الاجتهاد ليتجاوز حدود المدارس الفقهية التقليدية، متأثرين فى ذلك بأفكار ابن تيمية والشوكانى (المتوفى ١٢٥٥ هـ/ ١٨٣٩ م). هذا وقد نادى محمد إقبال إلى نوع من الاجتهاد الجماعى.
وقد انعكست المسائل المتعلقة بطبيعة دور المجتهدين ومدى تأثيرهم على المسائل الخلافية كالاجتهاد والتقليد والقياس والإجماع والتجديد، كما تعرضت دراسات مبكرة لمؤهلات المجتهدين وممارساتهم. وقد خفف كثيرا من مسئوليتهم مبدأ أن المجتهد إذا أخطأ فله أجر، وإذا أصاب فله أجران، وأن كل مجتهد مصيب.