للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى العهد الصفوى (١٥٠١ هـ/ ١٧٢٢ م) استطاع الأئمة المجتهدون المستقدمون من خارج إيران بهدف تطوير المذهب ووضعه موضع التنفيذ، أن يثبتوا سلطاتهم فى مواجهة الصفوة الدينية الفارسية المسيئة للدين. وكان نفوذهم أوضح ما يكون فى الوضع المتميز الذى تمتع به الكركى (المتوفى ٩٤٠ هـ/ ١٥٣٤ م)، الذى حاز لقب "خاتم المجتهدين" [على غرار خاتم الأنبياء] و"مجتهد الزمان" فى عهد السلطان طاهماسب (١٥٢٤ هـ - ١٥٧٦ م).

ورغم أن لقب "مجتهد الزمان" قد عهد احتفظ به أبناء الكركى من بعده طوال القرن العاشر/ السادس عشر، فإن هذا اللقب لم يكن يخول حامله أية امتيازات دينية فى مواجهة السلطات الدينية أو السلطات السياسية التى كانت مطلقة فى يد "الصدر" الذى كان يتبع الشاه مباشرة. وإذا كان أبناء الكركى قد استعادوا وضعهم فى عهد ميردماد (المتوفى ١٠٤١ هـ/ ١٦٣١ م) إلا أن أحد منهم لم يحمل ذلك اللقب مجتهد الزمان فى القرن الحادى عشر، ومع اتجاه كثير من الأئمة للصوفية أو الفلسفة، أصبحت السلطة الدينية مشاعة بين شيوخ الإسلام فى المدن الكبرى.

وفى عهد عباس الأول (١٥٨٧ - ١٦٢٩ م) أصبح شيخ الإسلام لمدينة أصفهان أكبر شخصية دينية فى المملكة، وهو المنصب الذى شغله محمد باقر مجلسى (المتوفى ١١١١ هـ/ ١٦٩٩ م)، والذى ثبت بصفة قطعية سلطة المؤسسة الدينية بالتمهيد لإنشاء منصب "ملاباشى Mulla-bashi". ولكن رغم أهمية هذا المنصب، فيمكن اعتباره حلا مقتبسا من النظام الكنسى لإنشاء مؤسسة دينية تمثل السلطات الدينية العليا فى كافة أرجاء الدولة الشيعية. وفى عهد القاجار (١٧٠٤ هـ - ١٩٢٥ م) ظهر الشقاق بين الدولة وهذه المؤسسة الدينية نتيجة للسلطات المتزايدة والاستقلالية التى أعطتها لنفسها. هذا ولم يقدر للمبادئ المتعلقة بالنظام الدينى الشيعى أن تطبق بما يتفق مع فقهه الذى يقضى (بعد العديد من المراجعة والتنقيح) بتركيز السلطة فى يد رجال الدين إلا بعد الثورة الإسلامية فى ١٩٧٩.