بينها. ويأخذه أبوه فى رحلة للحج عساه أن ينسى ليلى، ولكن جنونه يتضاعف ومع ذلك تعاوده لحظات من وضوح الفكر فينظم الأشعار فيها ويشتد حزنه مع عجزه عن رؤيتها ولو مرة واحدة أخرى حتى يوافيه أجله.
إن من العسير أن نثبت أصل الحكاية. . وثمة إشارة فى "الأغانى" تقول إن المؤلف الأصلى شاب أموى وأنه كتب هذه الأشعار فى ابنة عمه ولكن هذا الرأى مشكوك فى صحته فذكر بعض الشخصيات التاريخية مثل "نوفل بن مساحق" حاكم المدينة فى عام ٨٢ هـ/ ٧٠٢ م، فى التراث الذى يتعلق بمغامرات قيس، يشير إلى أن هذا الأخير عاش فى تلك الفترة تقريبًا، وهذا هو كل ما يمكن أن يقال عن الموضوع. وسوف يظل مؤلف أو مؤلفو الأشعار التى تنسب إلى المجنون وما يدور حولها من تفسيرات شيئًا مجهولا دائما -ومن المحتمل أن تكون هذه الإبداعات نابعة من رغبة عرب الشمال- الذين يمثلهم "عامر بن صعصعة" فى أن يظهروا أن قصص الحب غير السعيدة ليست شيئًا مقصورًا على هؤلاء الذين فى الجنوب -قبيلة عذرة مثلا- وإنهم يستطيعون أن يفرزوا ما يتماثل مع من يدعى "جميل العذرى".
ومنذ اللحظة التى تحقق فيها للأشعار والأخبار التى تتعلق بالشخصيات الخيالية، هذا الوضع المعيارى، فإنه لا يكون من الصعب أن نتصور الدور الذى لعبه الرواة، والذين يلفقون القصص ذات الخيال المبدع، والذين يتهمهم الأصمعى بأنهم لفقوا هذه القصة، التى تدخل ضمن سلسلة طويلة من الأعمال الخيالية والسير الذاتية التى تصب فى قالب روائى، والتى يقدم لنا "الفهرست" بيانًا مفصلا عنها. .
وقصة المجنون وليلى -مثل كل حكايات العصور الوسطى، لم تأخذ أبدًا شكلا محددا؛ والواقع أن ناقلى التراث من أمثال ابن وهب وعمر بن شبة وابن الكلبى والزُّبير بن بكار، قد بدأوا فى مرحلة مبكرة يكتبون العناصر العديدة المتفرقة لهذه القصص، ولكن الأخبار المنفردة بدأت فى التداول والانتشار شفويا، ويضاف إليها حسب أذواق الرواة. وقد جاء الدليل على ذلك فى