دراسة للمصادر من أجل تنقيح الأغانى الذى يعتبر بعد الشعر والشعراء لابن قتيبة- الأقدم والأكثر تطورا. فقد احتاط أبو الفرج حتى يحيى نفسه من النقاد بأن ذكر الآراء المؤيدة والمعارضة التاريخية (لا أسطورية) للشخصية، ثم جمع -دون اعتبار للتسلسل الزمنى مجموعة من المصادر الشفهية والمكتوبة، والتى بينها تفصيلا أ. ى كراتشكوفسكى فى مقال نشره بالروسية فى ليننجراد عام ١٩٤٦ م.
ويبدو أن قصة المجنون وليلى قد احتلت الأسبقية على معظم الأعمال الأخرى من نفس النوع وتصدرتها حتى نهاية القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) أو أوائل القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى). . وأن التغنى بالعديد من أشعارها بالإضافة إلى الأهمية التى أولاها إياه كتاب الأغانى لا يتركان مجالا للشك فى أن هذا الرواج الذى تمتعت به بعد ذلك لم يكن شيئًا جديدا.
وفى الأدب العربى اللاحق للأغانى، تتكرر أخبار المجنون فى عدد من الأعمال الأدبية وخصوصًا فى تلك التى تتعلق بقصص الحب الشهيرة "مثل تزيين الأسواق"(لداود الأنطاكى) ولكننا لا نعرف إلا القليل من الدراسات المستقلة بصرف النظر عن "الديوان" واثنين من الأعمال لم يحققا بعد وهما "نزهة المسامر فى ذكر بعض أخبار مجنون بنى عامر" تأليف "يوسف بن الحسن المبرادى"(الذى مات عام ٩٠٩ هـ/ ١٥٠٣ م) وكتاب "بسط السامع المسامر فى أخبار مجنون بنى عامر" تأليف "ابن طولون"(المتوفى عام ٩٥٣ هـ/ ١٥٤٦ م). . ومما هو جدير بالملاحظة -وإن لم يكن متوقعا أبدًا- ألا تثير قصة المجنون وليلى أى عمل أدبى بالعربية فى العصور الوسطى. . ولم يحدث قبل وقتنا الحاضر أن عالج هذا الموضوع عدد من كتاب المسرح منهم إبراهيم الأحدب وسليم البستانى، وأبو خليل القبانى الذى يبدو أن أعماله لم تمثل بل ولم تطبع. . أما رواية "مجنون ليلى" للكاتب محمد منجى خير اللَّه فقد مثلت فى الإسكندرية ونشرت فى عام ١٨٩٨ م ولكن أشهر الأعمال فى هذا الصدد هى مسرحية مجنون ليلى لأحمد شوقى.