مباشرا أيضا. وكان العثمانيون يمارسون هذا الامتياز حتى بالنسبة للولايات الخاضعة لهم كمصر. وكان بالإمكان عزل القاضى فى أى وقت عن طريق السلطة التى عينته، وهو ما كان يترتب عليه عادة تغيير كل الوظائف القضائية التابعة. ونظريا، طبقا للفقه، فإن القضاة المفوضين فقط، وليس الأصليين، هم القابلون للعزل مع وفاة أو عزل من عينهم وقد ترتب على سلطة التعيين نوع من حق الرقابة، تمثل فى تقبل الشكاوى وإعطاء التوجيهات. وصورة أخرى من الرقابة القضائية كانت تمارس عن طريق جماعة من أهل العلم ممن يجب على القاضى استشارتهم فى الحالات غير القطعية، مما شكل ما يشبه القضاء الاستئنافى. أما الصورة الثالثة من الرقابة القضائية فكانت حق القاضى اللاحق فى إلغاء أحكام القاضى السابق عليه، وهو ما ترتب عليه إطالة مدى التقاضى فى بعض الحالات. وكان من الممكن أن يعين أكثر من قاضٍ يتبعون مذاهب مختلفة فى مدينة واحدة، خاصة فى العواصم. ولم يكن مسموحا للقاضى أن يرجع عن قضائه حتى ولو ظهرت أدلة جديدة أو تبين عدم جدوى الحكم، بل كان لقاض آخر أن يستأنف نظر القضية لعيب جسيم فى تطبيق القانون، بمعنى مخالفة القرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع. وعلى القاضى أن يؤسس قضاءه على أساس المذهب التابع له وإلا كان قضاؤه عرضة للتجريح. ولم يكن من المشترط أن يتبع القاضى مذهب من عينه، أو من فوضه، ولكن كان من الممكن توجيهه لإتباع مذهب معين فى قضائه. وكان الفقه الشائع فى الخلافة العباسية هو الفقه الحنفى ثم الشافعى، وفى الخلافة العثمانية الفقه الحنفى، وفى الأندلس المالكى. وكان مذهب القاضى ذا أهمية للمتقاضين أكثر منه للحكام. وقد كان القضاء، خاصة فى العهود الأولى، مقسمة بين أكثر من مذهب، فقد لُجئ إلى تعيين أكثر من قاض، تكون لأحدهم الرئاسة، ولكن الخيار بين القضاة يكون لأطراف النزاع. وقد أطلق على قاضى العاصمة بدءا من العصر العباسى اسم "قاضى القضاة"، وكان أبو يوسف أول من شغل هذا المنصب