للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طفولته فى صحبة أبى طالب، ثم كتاجر فيما بعد لحساب خديجة (١). فالقالب الذى صيغت فيه هذه الروايات (كما فى قصة الراهب المسيحى بحيرا) يُوحى بأنها روايات هادفة. أما عن قصة دور محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى إعادة بناء الكعبة فهى أيضا غير جديرة بالتصديق (٢).

وفى سورة الضحى أن اللَّه أغنى محمدا اليتيم. وقد تكون فى ذلك إشارة إلى زواجه من خديجة، الأرملة الثرية. وتذكر المصادر أن خديجة ولدت له أربع بنات لعبن دورا فيما بعد، وعدة أبناء مات جميعهم صغارًا رُضًعا. غير أن هذه المصادر لا تكاد تذكر شيئًا عن حياة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] من وقت زواجه (وهو فى الخامسة والعشرين) حتى قبيل مبعثه فى الأربعين أو الثالثة والأربعين.

أما ما ينبغى أن يعطى أكبر قدر من الاهتمام فالمشاكل المتعلقة بظهور محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] كمصلح دينى، (قبل أن يبعثه اللَّه نبيا ورسولًا) وإن كانت هذه المشاكل تثير للباحث صعوبات بالغة بالنظر إلى طبيعة المصادر والتعقيدات المواكبة لتفسيرها. . . (٣) ففى سورة


(١) فيما يتعلق بالتشكيك فى حكاية شق الصدر فإن هناك باحثين مسلمين تشككوا فيها أيضًا، أما ما يتعلق بالرحلة إلى الشام فهى روايات متواترة فى كتب السيرة ولا مجال لإنكارها، ورحلات الشتاء والصيف وردت فى القرآن الكريم {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} وتشير كتب التاريخ إلى العلاقات التجارية بين الحجاز والشام، وبين الحجاز واليمن، وبين الحجاز ومصر، لذلك نرى أن إنكار مؤلف المقال رحلة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى تجارة إلى الشام غير مبنى عل أساس علمى.
(٢) هذه القصة أيضا متواترة فى كتب السيرة وهى تشير إلى ثقة أهل مكة فى أمانة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. ولم يقدم كاتب المقال أدلة علمية متعلقة بنقد النص أو سلسلة الرواة. . إلخ
(٣) جاء فى المتن "موضع النقط. . . " افتراض المستشرق أن سيدنا محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] كان فى مستهل حياته يشارك قومه معتقداتهم الدينية على ضوء مفهومه للآيتين الكريمتين، والثابت أنه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لم يشارك فى المعتقدات الوثنية قط، ومفهوم الضلالة والهداية الوارد فى الآية الكريمة قد فسرتها قصة أبى الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) سورة الأنعام الآية ٧٤ وما بعدها، وهى تجربة يمر بها الأنبياء فى بداياتهم الأولى وفى الشروحات (ووجدك ضالًا) أى عما أنت عليه اليوم (فهدى) أى فهداك إلى توحيده ونبوته. (انظر: مختصر تفسير الخازن المسمى "لباب التأويل فى معانى التنزيل" ص ١٢٣٠). {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} أى عن تفاصيل الشريعة: (انظر: "كلمات القرآن تفسير وبيان" للشيخ محمد حسنين مخلوف. {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} أى غافلًا عما يراد بك من أمر النبوة، فهداك: أى أرشدك والضلال هنا بمعنى الغفلة، وقال قوم: "ضالًا" لم تكن تدرى القرآن والشرائع فهداك اللَّه إلى القرآن، وشرائع الإسلام. (عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما). وقال قوم آخرون: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}: أى ناسيًا، فذكّرك، أو "ضالًا" بمعنى "متحيزا" لأن الضال متحير، وقيل: "ضالًا". بمعنى طالبا للهادية فهداك اللَّه بتوحيده ومعرفته. (انظر تفسير القرطبى "الجامع لأحكام القرآن" جـ ٢٠ ص ٩٧ الكتب المصرية). [التحرير]