التقليدى عن التوحيد، وإنما تقوم على انطباع دينى وخلقى قوى، لم يكن ثمة مفر. من أن يؤدى به إلى قطيعة بينه وبين الوثنية. وقد كان ذهنه ممتلئًا بالأخص بفكرة المسئولية الأخلاقية التى ألقاها اللَّه سبحانه وتعالى على الإنسان، وفكرة الحساب يوم القيامة. وقد أضاف القرآن الكريم إلى ذلك أوصافا حية لعذاب الكفرة فى نار جهنم وتنعم المؤمنين بنعيم الجنة.
وتمة موضوع رئيسى آخر فى تلك المرحلة الأولى السابقة على بدء المعارضة القوية له من جانب العائلات المكية واسعة النفوذ، ألا وهو آيات اللَّه فى الطبيعة مما ينبغى أن تقنع الناس متى فكروا فيها بأن هناك قوة أعظم من قوة الإنسان. وثمة تأكيد على عجائب الحياة اليومية خاصة ظاهرة الإنسان الرائعة.
أما الواجبات الدينية التى فرضها القرآن الكريم على محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وأتباعه خلال الفترة المكية فكانت بسيطة قليلة العدد فعلى المرء أن يؤمن باللَّه، وأن يلتمس منه الصفح عن خطاياه، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} سورة المؤمنون الآيات ١، ١١. وعليه المحافظة على الصلاة حتى بالليل {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ. . .} سورة هود آية ١١٤. وعليه مساعدة الناس خاصة الفقراء منهم، وأن ينزه نفسه من حب الثراء الخادع، وعن كل أشكال الغش، وهو أمر له أهمية فى الحياة التجارية المكية {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} سورة الشعراء ١٨٢ - ١٨٣. وعليه الالتزام بالعفة وألا يئد البنات وفق العادة المتوحشة لذلك العصر التى عزاها القرآن الكريم إلى الفقر.