يتفق مع ما ذكره حسان بن ثابت فى قصيدة له، وما ذكرته كافة الروايات من أنه توفى يوم الاثنين. ولم يخلف محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وريثا شرعيا له يخلفه فى الحكم، فاضطر كبار الصحابة ممن كانوا لصيقين به إلى اختيار قائد، أما ابنه إبراهيم الذى ولدته له زوجته مارية القبطية ربما فى أوائل عام ٦٣٠، فكان قد مات قبله فى عام ٦٣٢ م. ويقال إن النبى (-صلى اللَّه عليه وسلم-) دفن فى مسكن عائشة.
إن الصعوبة الكبرى التى تواجه كاتب سيرة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى كل صفحة، هى أن المصادر الأولى لم تذكر شيئا -ولم يكن بوسعها أن تذكر شيئا- عن السر الحقيقى لنجاحه وقوة شخصيته المذهلة وقدرته على التأثير فيمن حوله، فكتاب السيرة المسلمون الأوائل كانت نقطة البداية عندهم الإيمان بأن أعماله العظيمة وانتصاراته الباهرة لم تكن من صنع بشر، بل هى براهين إلهية على أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إنما كان يأتى به طاعة للَّه. صحيح أن القرآن الكريم يعرفنا بالسور العظيمة التى أوحى بها إليه فى البداية والتى تؤثر فينا اليوم تأثيرها وقت تلاوة محمد (-صلى اللَّه عليه وسلم-) لها أول مرة. كذلك فإن بوسع المؤرخين المحدثين أن يروا مواهبه السياسية الخارقة التى كثيرا ما أبداها خلال سنوات إقامته فى المدينة. إذ من ذا بوسعه أن ينكر أن القائد فى معركة بدر، أو المفاوض فى الحديبية، هو رجل فائق الذكاء، وذو مهارة دبلوماسية خارقة، غير أن هذه الدلائل على عبقرية محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] التى تظهر بوضوح فى كتب السيرة، هى مجرد لمحات خاطفة متفرقة، وعلينا فى معظم الأحيان أن نستطلع الأمور الجوهرية من بين السطور.
لقد كان العامل القوى حقا فى حياة محمد، والمفتاح الأساسى لنجاحاته الخارقة، -إيمانه الذى لا يتزعزع، ومن البداية إلى النهاية، بأنه رسول اللَّه. فإيمان كهذا لا يتطرق إليه أدنى شك بوسعه أن يؤثر تأثيرا لا حدّ له فى