العاشر من الهجرة (مارس ٧٣٢ م) من أداء أول حج إسلامى صحيح (حجة الإسلام) التى أصبحت نموذجا يُحتذى أبد الآبدين. ولم يورد القرآن الكريم إلا إشارات قليلة إلى شعائر الحج السنوى، مما يدفع المسلمين إلى الاعتماد فى حجهم على ما ورد فى كتب الحديث وأئمة المذاهب. ولا شك فى أن المعالم الرئيسية للصورة التى يتم عليها الحج فى العصر الحديث أساسها ما فرضه النبى (-صلى اللَّه عليه وسلم-) فى تلك المناسبة المشهورة.
ويقال إن حجة الوداع شملت خطبة ألقاها النبى (-صلى اللَّه عليه وسلم-) وصلتنا عنها روايات بها بعض الاختلاف. وهى خطبة تمثل ذروة نشاطه وكفاحه. وقد تعبر عن مشاعره وقتها الآية الثالثة من سورة المائدة {. . . الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا. . .}.
استعد محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] قبل وفاته بشهر واحد لقيادة غزوة كبيرة إلى شرق نهر الأردن بنفسه غير أنه فى النهاية اختار أسامة بن زيد الشاب قائدا للجيش المؤلف كما يقال من نحو ثلاثة آلاف رجل، ربما من أجل تمكين أسامة من الانتقام لمقتل أبيه زيد بن حارثة هناك. وقد شكا عدد من كبار المسلمين من اختيار محمد (-صلى اللَّه عليه وسلم-) لهذا الشاب الحدث قائدا لجيش مكلف بمهمة عسيرة. غير أن النبى (-صلى اللَّه عليه وسلم-) كان مصمما على إتاحة الفرصة لأسامة كى ينتقم من هزيمة المسلمين فى مؤتة، وهى الهزيمة التى أودت أيضا بحياة ابن عم النبى جعفر بن أبى طالب.
وفى نحو ذلك الوقت ظهر فى عدة أنحاء من شبه الجزيرة العربية عدة أشخاص يدعون النبوة ويثيرون الاضطرابات بدعاويهم.
وهنا مرض محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فجأة، ربما بحمى المدينة المألوفة. ولكن الحمى كانت خطرا على رجل مرهق جسمانيا وذهنيا. وقد تحسنت صحته قليلا بعد ذلك، غير أنه توفى على صدر زوجته الأثيرة عائشة يوم ١٢ من ربيع الأول عام ١١ هجرية (٨ يونيو عام ٦٣٢ م). وهذا هو التاريخ الوحيد لوفاته الذى