وقد أدى هذا التوسع السريع جدا فى مجال نفوذ محمد (-صلى اللَّه عليه وسلم-) عن طريق مختلف صنوف المعاهدات والاتفاقات الأخرى، إلى أن أصبح ثمة الآن مسلمون جُدد لا يعرفون إلا القليل عن تعاليم الإسلام وشعائره. ذلك أنه إلى جانب أتباع محمد القدامى الذين آمنوا إيمانا عميقا حقيقيا بتعاليمه والذين امتحنوا فى إيمانهم بما عانوه من حرمان وخبروه من مخاطر، أضحى الآن هناك عدد كبير ممن اعتنقوا الإسلام بفضل التحالفات السياسية وعن خوف من تزايد سلطان النبى. ورغم أن محمدا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أوفد إليهم من يفقههم فى الدين، فلاشك أن تحول هؤلاء العرب إلى الإسلام لم يكن عميق الجذور، وأن الروح العربية القديمة ظلت قائمة وقوية بينهم، كاستمرار الفخر والهجاء فى القصائد التى أوردها ابن هشام فى سيرته. وقد سجل القرآن نفسه بكل وضوح كيف أن إيمان الأعراب بعيد كل البعد عن الإيمان الصحيح {. . . قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ. . .} الحجرات ١٤.
ويلاحظ أن الأوامر المتعلقة بالدين والعبادة -وهى التى كانت تشغل محمدًا إلى حد بعيد فى السنوات الأولى من إقامته فى المدينة، بدأت تفسح الطريق، بصورة ملفتة للنظر، للترتيبات الاجتماعية والسياسية الواردة فى أواخر السور القرآنية، نتيجة للتوسع السريع فى مجال نفوذ الدولة الإسلامية.
وأخيرا تمت كافة الاستعدادات، وتمكن محمد (-صلى اللَّه عليه وسلم-) فى نهاية العام