بالتدريس فى دار العلوم المنشأة حديثا لتطوير التعليم الدينى وبعد تولى الخديوى توفيق فصل محمد عبده ونفى إلى بلدته، وطرد الأفغانى من البلاد. وعند تولى حكومة ليبرالية مقاليد الحكم أسند لمحمد عبده رئاسة تحرير "الوقائع المصرية" التى كانت إلى جوار نشرها للقرارات الإدارية تحاول التأثير فى الرأى العام، بل وأصبحت تحت رئاسة محمد عبده لسان حال الاتجاه التحررى ومع اتفاق محمد عبده مع الأفغانى على المبادئ العامة الهادفة إلى الصحوة الإسلامية وتحرر الشعوب الإسلامية، فقد خالفه فى الوسيلة، فلم يكن محمد عبده من أنصار الثورة كوسيلة لبلوغ هذه الأهداف، بل كان رأيه يميل للإصلاح التدريجى وتركزت اهتماماته حول الإسلام ووضعه فى العالم الحديث ولكن ثورة عرابى وضعت حدا لنشاطه فى هذا الاتجاه. وإذا كان دوره فى هذه التورة لم يتضح بالقدر الكافى للآن، فإن المؤكد هو أنه لم يكن يشارك العسكريين تفاؤلهم ولا يقر استخدامهم للقوة. . لقد وقف فى جانب الوطنيين المتصدين للاستبداد وحاول الحد من شطط قادتهم. وبإخماد تلك الثورة نفى محمد عبده، فسافر إلى بيروت ثم إلى فرنسا حيث قابل الأفغانى فى ١٨٨٤ م، وأسسا معا جمعية "العروة الوثقى" وأصدرا صحيفة بنفس الاسم، توقفت بعد ثمانية أشهر، ولكنها تركت أثرًا هاما فى العالم الإسلامى. وفى تونس واصل محمد عبده الدعوة للجمعية، ثم انفصل عنها ليعود لبيروت فى ١٨٨٥ م، حيث قام بالتدريس فى المدارس الدينية وانكب على الدراسات الإسلامية والعربية، فترجم عن الفارسية "رسالة الرد على الدهريين" لجمال الدين الأفغانى، وعملين من أهم الأعمال اللغوية، "شرح نهج البلاغة" و"شرح مقامات بديع الزمان الهمذانى". وحين سمح له بالعودة عام ١٨٨٩ م عين قاضيا بالمحاكم الأهلية وفى ١٨٩٩ م تولى أعلى منصب دينى فى مصر، وهو منصب المفتى وظل به حتى وفاته. ومن عمله فى القضاء وضع رسالة عن إصلاح المحاكم الشرعية كان لها أكبر الأثر فيما حدث بعد ذلك من تطور لهذه المحاكم وإنشاء