مدرسة القضاء الشرعى. وفى نفس العام عين فى المجلس النيابى. وأخيرا سمح له بتحقيق رغبته فى العودة للتدريس، فعين عضوا فى جماعة كبار العلماء التى أنشئت بناء على اقتراحه، ومن خلال هذا الموقع أتيح له أن يلعب دورا هاما فى تطوير الأزهر. ومع هذه الأنشطة المتعددة وجد الوقت على مدى خمسة عشر عاما ليكتب العديد من الكتب، من أشهرها "رسالة التوحيد". كما نشر كتابا للدفاع عن الإسلام ضد مدنية الغرب" الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية". أما تفسيره للقرآن فلم يكمله، وقد نشرت مقتطفات منه فى صحيفة تلميذه وصديقه محمد رشيد رضا "المنار" والذى تولى نشره بأكمله فى المنار بعد وفاته. كما قام طلعت حرب بنشر ترجمة لكتابه "الإسلام وأوربا" باللغة الفرنسية. وقد أثارت آراؤه التجديدية والإصلاحية حفيظة التقليديين والمحافظين، والذين لم يكتفوا بتفنيد أفكاره، بل تعدوا ذلك إلى التهجم والتشهير والدسائس. ولكن تعاليمه لاقت قبولا واسعا من المفكرين المسلمين المستنيرين حيث كانت آراؤه تنشر فى الصحيفة الشهرية "المنار". وتوفى محمد عبده فى ١٩٠٥ م، وإن كانت تعاليمه ما تزال تحتفظ بأثرها مضطردا حتى اليوم.
ويضع محمد عبده ثلاثة مبادئ لبرنامجه الإصلاحى:
١ - العودة بالدين لأصوله الصحيحة.
٢ - تجديد اللغة العربية.
٣ - الدفاع عن حقوق الشعب لدى الحكومة. وينبع كفاحه السياسى من مفهوم الوطنية التى كان بلا شك رائدا لها فى مصر الحديثة. وبينما كان خصما لكل من السيطرة السياسية الأوربية والاستبداد الشرقى فى ديار الإسلام، فإنه كان ينادى بالأخذ بالحضارة الغربية مع التمسك بالدين ومبادئه. فهو رجل دين فى المقام الأول، كرس حياته للدفاع عن الإسلام ضد الهجمة الغربية. وبصرف النظر عن مدى تأثره بالحضارة الغربية، فتعاليمه كانت تنبع أساسا من مبادئ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية التجديدية، وكذا من الفكر الدينى للغزالى. ومن منطلق اقتناع عميق بسمو الإسلام كان