الباب العالى واليا على مصر، وربما كانت تفاصيل هذه الأمور أقل أهمية من الطريقة التى أمكنه بها تحقيق هذه الغاية تحقيقا فوق العادة، وكانت الإدارة الرئيسية التى حققت آمال الضابط الشاب هى الوحدة العثمانية الألبانية التى ساعدته فى منتصف عام ١٨٠٣ م من أن يصبح قائدها فكان ذلك حجر الأساس فى قيام سلطته وتبوّئه مكان الصدارة، ولقد كانت الجماعات الأخرى المنافسة له هى طوائف البكوات المماليك والوالى العام العثمانى والفرق العسكرية العثمانية وكبار رجالات البلد المحليين، وكان جوهر اللعبة -يمثل فى حفظ التوازن وقيام محالفات قوية، واللعب بالطوائف المعارضة فى ضرب كل واحدة منها بالأخرى، ومعرفة الطريقة التى يمكنه بها تحويل هذه الطوائف جميعها إلى معاونته، وقد نجح محمد على فى كل هذه الأمور.
على أن هناك أحداثا خطيرة أدت إلى ارتفاع شأن محمد على جرت فيما بين عامى ١٨٠٣ و ١٨٠٥ م، منها أن المحاربين المماليك كانوا قد انقسموا فيما بينهم إلى طائفتين متنافرتين احداهما بقيادة عثمان بك البرديسى والثانية بزعامة محمد بك الألفى. كما أن المعسكر العثمانى كان هو الأخر منقسم على نفسه بين الوالى خسرو باشا وقائد القوة الألبانية طاهر باشا، وقد أدى هذا إلى صراع عنيف بين الجماعات المختلفة، وحدث فى ابريل ١٨٠٣ م أن ثار الألبان العثمانيون بالقاهرة لتأخر رواتبهم ففرّ خسرو إلى دمياط، وحينذاك أخذ طاهر القيادة فى يده واستدعى المماليك من الصعيد ولكنه ما لبث أن اغتيل، فكان هذا الحَدَث مساعدًا لمحمد على على أن تكون له قيادة الوحدة الألبانية العثمانية التى يمكن اعتبارها أقوى القوى الفعالة فى مصر حينذاك. ونجح محمد على فى تحالفه مع المماليك وهزم خورشيد باشا فى دمياط وجاء به إلى القاهرة يرسف فى أغلال الأسر، ولما كان محمد الألفى قد اتصل فى هذا الوقت بانجلترا فى طلب العون لفريقه فإن التحالف المؤقت اعتمد على العلاقات السياسية بين البرديسى ومحمد على، فأرسلت استانبول واليا آخر إلّا أن هذا التحالف