قضى عليه فى مستهل ١٨٠٤ م، وعاد الألفى فلم يجد ترحيبا به، واضطرته كتيبة ألبانية عثمانية على الهروب إلى الصعيد، ومن ثم أصبح الهدف الثانى هو التخلص من البرديسى، وكانت الوسيلة إلى ذلك هى بث الاضطراب فى القاهرة، فثارت قوات محمد على فى طلب رواتبهم المتأخرة مما حمل البرديسى على فرض ضريبة جديدة تُجْبَى من الأهالى فأصبح الموقف على وشك الانفجار والثورة وحينذاك ظهر محمد على كأنه المبعوث لخلاص أهل القاهرة فألغى الضريبة وأخرج البرديسى من المدينة، وبذلك وضع أساس تحالفه مع وجهاء البلد من العلماء والتجار الذين أتاحوا له شرعية أخذ السلطة فى يديه فى السنة التالية.
وفى خلال الستة عشر شهرا التالية قبل محمد بتعيين وال عثمانىّ وانشغل هو بالزحف مع جنده على المماليك، وحاول الوالى الجديد دَعْم موقفه المضطرب أمام القاهريين بجلب قوات جديدة غير نظامية شامية فلم يجن من سلوكهم الفوضوىّ سوى زيادة غضب العلماء وكبار الأهالى، وبعد عودة محمد على إلى المدينة استطاع بتعاونه مع أهل المكانة أن ينادى به واليًا على مصر، وبعد قليل أدرك الباب العالى مدى قوة محمد على وثبات مركزه فأخّر تعيينه واليًا، ولم تنجح بعد ذلك المحاولات التى بذلت لتحويله من ولاية إلى غيرها مثل جدة وسالونيكا، ولم يكن هذا الاعتراف من الباب العالى سوى اعتراف بقوة مكانة الباشا فى وجه منافسيه للاستحواذ على السلطة فى مصر، وقد استطاع محمد على فى السنوات الست من ١٨٠٥ حتى ١٨١١ أن ينجح فى تثبيت حكمه بتصفية جميع معارضيه، وكانت هذه صفحة جديدة فى تاريخ مصر الحربى والسياسى وفى تاريخ محمد على نفسه، إلّا أن أكبر خطر كان يهدد سلطانه على مصر جاءه من ناحية المماليك، الذين وإن كانوا منقسمين فيما بينهم إلا أنهم اعتصموا بالصعيد، فلم يدخر محمد على وسعا فى استعمال كل الأساليب فى مواجهتهم فحاول استمالة أكبر عدد منهم إلى جانبه أما