للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأفراد عائلته وأصحابه القولتيين [أى من قوله] وهذه الطائفة هى التى ستكون فى العقود التالية قوام الحكومة العثمانية المصرية المنتقاة.

أما الفترة الثانية من عهد محمد على باشا فقد أمضاها فى وضع أسس إمبراطورية إقليمية وذلك من ١٨١٢ حتى ١٨٢٧ م، ففى خلال هذه الخمس عشرة سنة كرّس الوالى قسما كبيرا من نشاطه فى جمع وتدريب طائفة من الصفوة المخلصة له لتكوين قوات قوية حسنة التدريب فى البر والبحر على السواء، وأقام قاعدة اقتصادية مزدهرة وإدارة حكومية فعالة وشبكة من الخدمات الإجتماعية قادرة على تخريج طبقة رفيعة تعمل فى خدمة الحكومة فيعمل هؤلاء جميعا يدا واحدة؛ ليجعل من مصر داخليا قوة ثانية تعمل على دعم الإمبراطورية التى يسعى الباشا لتأسيسها فى هذه الناحية من العالم خارجة عن سيطرة أملاك مولاه العثمانى الواسعة، وبينما كان محمد على يعمل على بناء هذه الكفايات أرسل أولاده القادرين على رأس حملات حربية إلى الحجاز والسودان وكريت والمورة ولقد أكدّت هذه الحملات مكانة مصر كقوة فعالة إقليميا. وما كاد محمد على يأخذ مقاليد الأمور فى يده بشدة حتى شرع فى تنفيذ مدّ سلطانه على ولايات الشام، وأفضى بهذه الرغبة سرا إلى القنصل البريطانى العام فى سنة ١٨١٢ م، ولم يكفّ عن الافصاح عن هذه الرغبة فى العقدين التاليين، كما أنه ما كاد يقضى على القوة المملوكية حتى اتجه للسيطرة على ثروة البلد، فمسح جميع الأراضى الزراعية ووضع نظاما لجمع الضرائب يخدم مالية البلد، وما أطل ١٨٢١ م حتى كانت جميع الأراضى فى بحرى مصر وقبليها قد حُصرَت وسجلت فى السجلات وقدرت ضرائبها، وبلغت الأراضى الزراعية والقابلة للزراعة خمسة ملايين ونصف مليون فدان، أما الأراضى التى تستحق عليها الضرائب فقاربت ٦٠ % من هذه الأراضى، وقام محمد على فيما بين عامى ١٨١٢, ١٨١٥ م بإلغاء جميع "الالتزامات" وعوّض "الملتزمين" تعويضات بسيطة عما فى أيديهم وقدّر