عليهم اشرافهم على أملاك الأوقاف من دَخْل كان يساعدهم على أن يكون لهم النفود القيادى فى البلد، كذلك كان للعلماء نفود إجتماعى من خلال الطرق الصوفية الموجودة بمصر فى دلك الوقت، وإذ أخذ سلطانه فى القوة بدأ فى العمل على إضعاف نفوذ العلماء ووضعهم تحت سيطرة الدولة، وكان أول هدف له هو عمر مكرم. الذى كان قد توثق ما بينه وبين محمد على أثناء أزمة ١٨٠٤/ ١٨٠٥ م حيث دفع جماهير القاهرة للوقوف إلى جانب الوالى، فلما كان منتصف عام ١٨٠٩ م أقدم محمد على خطوة شديدة الخطورة على العلماء لم يسبق لها مثيل من قبل تلك هى فرضه الضرائب على أراضى الأوقاف فى محافظة البحيرة. فقام العلماء بقيادة نقيب الأشراف عمر مكرم بالاحتجاج على هذا العمل وبدأ الصراع بين الجانبين، ودفعته حاجته للمال للصرف على تحركاته الحربية الداخلية إلى العمل السريع للتخلص من عمر مكرم، وحاول تفريق وحدة العلماء بالتهديد تارة والإغراء تارة أخرى، حتى ينفضوا من حول عمر مكرم ويتركوه وحيدا، فلما لم يفلح فى ذلك نفاه.
ولقد بدأ محمد على خلال فترة دعم مركزه إلى إدخال تنظيم اقتصادى وإحكام قبضته على الأراضى، فعمد فى البداية إلى أن يحل أهل بيته وأعضاء أسرته من حوله محل "الملتزمين"، ثم عمد إلى احتكار الناتج والصادر فى الأراضى التى دخلت تحت سيطرته كلما سنحت له الظروف بهذا الاحتكار، ثم عرف مدى أهمية استقطاب دوى النفود من كبار أهالى البلد والبارزين منهم وبعض شيوخ البدو الأقوياء.
لم يكن محمد على يختلف عن المماليك السابقين فى أساليبه فى تحقيق استقلاله بمصر، ولكن سيره بحذر فى هذا الطريق ساعده على النجاح، فاستطاع أن يُرَوّض أضعف معارضيه، كما عمل على استرضاء أعدائه الذين كان من الصعب عليه أن يهزمهم، وأخيرا فإنه وثّق روابطه واطمأن إلى مجموعة صغيرة من رفاقه