كل من إنجلترا وفرنسا الأخرى فى اهتمامها بزيادة نفوذهم السياسى بمصر، ووثق علاقاته بكل منهما كما يتبين ذلك من تقارير قنصل كل منهما العام وإن اهتم محمد على بفرنسا فاستعان بمستشارين فرنسيين وأصبح إيثار فرنسا واضحا منذ ذلك الحين مما جعل بريطانيا تقف ضده فيما بعد وتنصر الدولة العثمانية عليه، ولما كانت سنة ١٨١١ م طلب الباب العالى من محمد على إخماد الثورة الوهابية فى بلاد العرب واحتلال المدينتين المقدستين بالحجاز، واستغل محمد على هذه الفرصة فى إبعاد عسكره عن الأمور السياسية ليكسب من ورائهم شكر دولة تقف منهم موقفا بعيدا عن الصداقة، وأصبح ولده طوسون القائد الأعلى لحملة أعادت السيطرة العثمانية على الحجاز سنة ١٨٣٠ م، وكان محمد على قد ذهب بنفسه إلى الحجاز لمساعدة ولده طوسون وذلك سنة ١٨١٣ م، ونجح فى إقرار السلام بمقتضى معاهدة أبرمها بعد ذلك بعامين.
ومات طوسون على غير توقع فخلفه أخوه الأكبر إبراهيم باشا وقاد حملة ناجحة على نجد انتهت بهزيمة الوهابيين سنة ١٨١٨ م مما أبهج استانبول كذلك عقد محمد على بعد عامين من ذلك مع إمام اليمن معاهدة مدّت نفوذ الباشا على طول المنطقة الساحلية حتى باب المندب، غير أن الوهابيين استردوا سيطرتهم على نجد سنة ١٨٢٤ م وإن ظل الحجاز تحت النفوذ العثمانى. وبعد أن فرغ محمد على من مشكلة بلاد العرب اتجه بنظره نحو السودان فاندفع بدوافع حربية واقتصادية إلى احتلال النوبة وسنار وكردفان، كما أنه شغل جنوده بأماكن بعيدة عن مصر واستغلهم فى القضاء على بقايا القوة المملوكية فى دنقلة، وكان هدف الباشا من ذلك أيضا السيطرة على تجارة السودان ومناجم الذهبء ولكن كان هناك ما هو أكبر من ذلك ألا وهو تكوين جيش من السودانيين، كما أراد أن يخلق قوة عسكرية على النمط الأوربى الحديث لتحلّ محل القوات التى تسير على النمط القديم، وقد استغرق فتح