السودان عامين من ١٨٢٠ حتى ١٨٢٢ م، ومات فى هذه الأثناء. ولقد تم تدريب الجيش الجديد على يد الكولونيل سيف المعروف بسليمان باشا وكان جنديا فرنسيا استقال من الجيش الفرنسى بعد ١٨١٤ م وعين فى مصر ولما رأى محمد على ما عليه جند السودان من ضعف عمد إلى تكوين جيش من المصريين مما كان له نتائجه الكبيرة والبعيدة فى المجتمع المصرى وفى تكوين الطبقة العثمانية العليا المصرية، وأتيحت الفرصة لمحمد على لاختبار كفاءة جيشه الجديد حين التمس منه السلطان العثمانى محمود الثانى إخماد ثورة باليونان، وكان جزاؤه على ذلك أن منحه السلطان كلا من كريت وقبرص ثم المورة، وكان ابنه إبراهيم باشا يقود هذه الجيوش الجديدة من نصر إلى نصر حتى تمكن من الاستيلاء على أثينا فى يونيو ١٨٢٧ م. ثم قامت روسيا وبريطانيا وفرنسا -على غير ما كان ينتظر محمد على- بأن فرضوا الهدنة فعارضتها الحكومة العثمانية ولكن بلا جدوى، وتحطم الأسطول العثمانى المصرى فى "نفارينو" فى أكتوبر ١٨٢٧ م، وجلت قوات إبراهيم باشا من المورة بعد ذلك بسنة، وقد برهنت هذه الأحداث على أن محمد على كان المنافس والعدو الأكبر لكل من السلطة العثمانية والمخططات الأوروبية، وانصرف محمد على بعد أحداث اليونان انصرافًا تامًا لاحتلال بلاد الشام، مما حمل البعض على اعتباره استعماريا.
ولقد أدّى نظام الاحتكار وإدخال القطن الطويل التيلة وتكوين جيش جديد إلى حدوث تنظيم إدارى لم يكن موجودا من قبل وكان جوهر هذا التظيم هو تحويل حكومة الباشا إلى منظمة بيروقراطية إجتماعية، وقد أخذ هذا الاتجاه الجديد يظهر منذ مستهل الفترة الثانية من حكمه وذلك بتعيين أعضاء من آل بيته لمراقبة ما يجرى، ثم تلى ذلك إدخاله العناصر المحلية القيادية كموظفين تدفع لهم أجور من الإدارة, وإذا كان هذا التنظيم الادارى