الصلاة والسلام) إلا إشارة واحدة فعلا إلى مدينة مدين (ذكرت فى سيرة ابن اسحق) وذلك عندما أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام سرية بقيادة زيد بن حارثة إليها. كما وردت إشارات عارضة إليها فى شعر كُثَيّر حيث ذكر الرهبان الذين يعيشون هناك كما ورد ذكرها فى رحلة محمد بن الحنفية إلى أيله. ويقول ياقوت أن الأمير الأموى عبد الواحد بن سليمان أقام فى مدين فترات متقطعة، وكان الشاعر بن هَرْمة يزوره هناك. وبالنسبة للجغرافيين، فإن مدين مجرد مدينة قرب الساحل على مسافة ستة أيام من تبوك، وكانت المحطة الثانية فى طريق الحجاج من أيلة إلى المدينة المنورة كما كانت تتبع من الناحية الإدارية - المدينة المنورة، وفى القرن الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى تحدث اليعقوبى عن موقعها فى منطقة غنية بجداول الماء والقنوات والحدائق والنخيل وسكانها الذين يتألفون من عدة أجناس ووصفها الإصطخرى بأنها أكبر من تبوك، ووصف ضمن مشاهداته النبع الذى سقى منه موسى عليه السلام غنم شعيب والذى كان فى ذلك الوقت فى حوزة بيت بنى عليه.
وبعد ذلك أخذت المدينة فى الذبول تدريجيًا، وفى القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى قال عنها الإدريسى إنها مركز تجارى صغير قليل الأهمية ذو موارد ضئيلة، ووصفها المقريزى فى خططه أنها تقدم لأهلها أسبابًا متواضعة للعيش مع تجارة قليلة، كما قال إنه لازال بها مبان قديمة وأطلال.
وقى القرن ١٩ بدأ الرحالة الغربيون مثل روبيل Ruppell وبيرتون Burton فى زيارة منطقة مدين ووصفها ميوسيل Musil وفيلبى Phiby وصفا دقيقا فى القرن الحالى، كما قام فريق بقيادة ب. ج بار P. G. Parn باستكشافات أولية لآثارها وتقع هذه المدينة فى المناطق الوسطى للوادى الأبيض (أو وادى العفال كما تسمى المناطق السفلى منه) التى كان فيها طريق الحجاج القديم إلى الجنوب، وفى الجانب الغربى من الوادى، على خط طول ٢٨ ْ ٣٠ َ ٣٠ ْ،