وعلى بعد ٢٥ كيلومترًا شمال شرق مقنا Ma kna على شاطئ خليج العقبة، يقع المكان الأثرى المسمى مغائر شعيب، وهى مقبرة كبيرة قبورها منحوته داخل حجر جيرى ناعم جدا وهش مما جعلها فى حالة أسوأ من مقابر البتراء Petra. ويعتقد موسيل وفيلبى أن هذه المقابر نبطية، وهما على حق فى اعتقادهما هذا، فالأسطح الفخارية تحمل الطابع النبطى والرومانى إلى درجة كبيرة، كما وجدت قطعة عليها نقوش أثرية بالاوتينية، كما لاحظت بعثة بار Parr أيضا مساحات كبيرة بها خرائب قريبًا من الجانب الشرقى من الوادى، ويميل أعضاء البعثة إلى الاعتقاد بأن هاتين المنطقتين اللتين تسميان الملقطة والمليحة هما مكان مدين الإسلامية.
وقد أشار القرآن إلى مدين كشعب أكثر من مرة، منها ما ورد فى قصة موسى عليه السلام ومقامه معهم (طه آية ٤٠ والقصص آية ٢٢ وما يليها وآية ٤٥) وما ورد فى قصص الأنبياء التى تكررت أكثر من مرة وذكر فيها عقاب أهل مدين لكفرهم نبيهم شعيب (سورة الأعراف آية ٨٥ إلى ٩١ وهود آية ٤ إلى ٩٥ والعنكبوت اية ٣٦). وقد عرف بعد ذلك أن شعيبا هو حمو موسى. وفى السور الأولى (الحجر آية ٧٨ والشعراء آية ١٧٦ إلى ١٩١ وحتى آية ١٣)، لم يذكر اسم مدين وإنما ذكر أصحاب الأيكة الذين كفروا برسالة شعيب. ويرى أ. ف. ل بيستون A. F. L أن أصحاب الأيكة كانوا من عباد الصنم النبطى ديوسارس أو ذى الشرى (وقد لاحظ ميوسيل أن الجزء الأسفل من الوادى الأبيض كان مليئا بشجيرات كثيفة) ولهذا كانوا على اتصال وثيق بمدين، وبغض النظر عن أن المفسرين قد قالوا أن شعيبا أرسل إلى قومين مختلفين، فإن ما ذكر عن رسالة شعيب فى السور المكية يمكن أن نعتبره موجهًا إلى قوم لهم دراية بعبادة ذى الشرى فى شمال غرب الجزيرة العربية من خلال الصلات التجارية، أما ما ورد فى السور المدنية فهو موجه إلى قوم لهم دراية بوجود مدين بصفة عامة.