للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها مسجدًا ودارًا، ولم يقبل تبرعًا من أحد حتى لا يسخط عليه واحدة من القبيلتين المتنافستين، وربما للسبب نفسه لم يكن من بين زوجات محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] واحدة من الأوس أو الخزرج.

ولاشك أن أثر التكوين الاجتماعى كان واضحًا فى الوثيقة المعروفة بميثاق المدينة (دستور المدينة) الذى ناقشه المستشرق فلهوزن Wellhausen فى مبحثه ٨٣ - ٦٥. Skirzen and Vorabeiten. IV وفنسنك Wenssinck فى مبحثه Mohammed en de Joden, ص ٧٤ - ٨١ وكيتانى Caetani, ووات Watt فى كتابه عن محمد رسول اللَّه فى المدينة Mohammead at Madina وأفراد سيرجانت R.B. Serjeant مبحثا لهذا الموضوع The Constitution of Madina وغيرهم.

ويبدو من الصياغة والتعبيرات المستخدمة أن النص الذى بين أيدينا يرجع إلى تاريخ لاحق لقضية بنى قريظة سنة ٥ هـ/ ٦٢٧ م، وإن كانت بعض البنود عائدة إلى بيعة العقبة الثانية (بيعة الحرب). ووفقًا لبنود هذا الميثاق فإن كل الذين يعيشون فى المدينة يشكلون أمة (جماعة متكاملة) بمعنى أن يكونوا متحالفين وفقًا للمفاهيم العربية التقليدية عن التحالف، وكان هذا التحالف يضم ثمانى عشائر محلية (ثلاث من الأوس وخمس من الخزرج) وجماعة المهاجرين القادمين من مكة المكرمة، ولقد آمنوا جميعًا بنبوءة محمد صلى اللَّه عليه وسلم، ومن هنا اختلف هذا التحالف عن التحالف الجاهلى باصطباغه بصبغة إيمانية. فقد أشار الميثاق لكل هذه العشائر والجماعات باسم المؤمنين، بالإضافة لإشارات لقدرة اللَّه سبحانه وتوحيده وعبادته وحده. وورد ذكر حوالى عشر جماعات يهودية فى بنود منفصلة تقرهم على دينهم وتعطيهم بعض الحقوق وتفرض عليهم بعض الواجبات، بل وبدا أن الوثنيين كانوا مقبولين فى هذا المجتمع الجديد إلا أن حقوقهم لم تكن واسعة، وكانوا مقيدين فى ممارسة نشاطاتهم،