للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول البكرى. وتتفق جميع المصادر (حتى التى تخالفه) على أن حركة المرابطين كانت تحركها مثالية متأصلة فى نفس ياسين؛ على أنه يستمد مما كتبه القاضى عياض أن الحركة لم تكن قد نشأت أولًا فى دار "وجاج بن زاوى" التى شيدت فى "سوس" من أجل الدراسة ومن أجل الأغراض الدينية، ويركز المؤرخون المتأخرون على نشاط المرابطين فى هذه المرحلة إلى صومعة كانت قاعدة لعبد اللَّه بن ياسين ويحيى بن إبراهيم (أو الجوهر بن سكوم) وأمراء متونة الذين انضموا إلى الحركة، ويصف لنا البكرى مدينة أسسها عبد اللَّه بن ياسين لتكون مركزا لعملياته وكانت جميع مساكنها بقدر واحد من الارتفاع وسماها بأرشننّا.

وعلى الرغم مما قد حدث من تغيرات فى قيادة الصحراء إلا أن عبد اللَّه بن ياسين ظل محتفظا لنفسه بأن يكون الموجه الأعلى لكافة الأمور ولإدارة "الإخوان" السياسية والمالية، وعهد إلى مريده المخلص يحيى بن عمر اللمتونى بقيادة الجيش ولقّبه بأمير المسلمين، رغم أنه كان قد أمر ذات مرة بضربه بالسياط، وقد استبسل هذا الجيش بالرماح حتى الموت، وواجه "جدَّاله" فى اقليم "الساقية الحمراء" فى معركة أسفرت عن نصره سياسيا. ولكنها أدّت إلى انصراف "جدّالة" عن مساعدة الحركة واتخاذها موقفا معاديا لأهدافها الصحراوية والسودانية، فقد قامت لمتونة بفتح مدن الحدود الصحراوية مثل "أوْدَاغُسْت" التى كانت تخضع خضوعًا اسميا لغانة، ولقد ظل اللمتونيون حتى قرب نهاية دولة المرابطين محتفظين بالقوة فى أيديهم.

ودخل معظم الصحراء -كما يقول القاضى عياض- تحت سيطرة المرابطين وكذلك ما وراء بلاد مصمودة والقبلة والسوس وذلك بعد حروب طوَيلة، استشهد فى إحداها عبد اللَّه بن ياسين سنة ٤٥٠ هـ/ ١٠٥٨ م، ولكن كانت حملات المرابطين فى "وادى درعة" وبلاد السوس نصرًا لهم فى المغرب وكل شمال أفريقيا.

وخلفه خليفته الروحى "سليمان بن عَدُّو" (ت ٤٥٢ هـ = ١٠٦٠ م) وكان فقيها، وهناك فقيه آخر ذكره القاضى عياض اسمه "لمناد (أو لمتان؟ ) بن نضير اللمتونى وكان من المجددين الروحيين وظل أثره باقيا ومحل تقدير فى الصحراء حتى القرن التالى.