وقتل يحيى بن عمر سنة ٤٤٧ هـ (= ١٠٥٥ م) فخلفه أخوه أبو بكر بن عمر قائدًا للمرابطين فزحف إلى قلب مراكش وسقطت فى يده "أغمات" وتزوج من زينب أرملة مليكها وكانت من بربر "نفوازة" اشتهرت بجمالها وذكائها وثراها، وقد بلغ أبو بكر فى هذه مكانة القائد الأوحد للمرابطين ولحركتهم وسُكت العملة باسمه وأخضع "برغواطة" ثم ما لبث أن علم بعد قليل أن "بلجين" صاحب قلعة بنى حماد زاحف بجيش كبير ضد البلاد الواقعة فى أقصى المغرب وضد بقايا صنهاجة الموجودين فى الصحراء، فغادر أبو بكر الإقليم الشمالى كإجراء مؤقت حتى يعيد الوفاق بين المرابطين، على أنه قبل رحيله عهد بقيادة العسكر وتسيير دفة الأمور إلى يوسف بن تاشفين، وطلق زينب فزوجها ابن تاشفين سنة ٤٥٣ هـ (= ١٠٦١ م) ووصلت فتوح المرابطين على يد ابن تاشفين إلى ما وراء تلمسان والمغرب الأوسط" ثم جاءت الأخبار إلى أبى بكر بمدى النصر الذى حازه قريبه فعاد إلى الشمال ليعاود قيادته للمرابطين، وحينذاك استجاب يوسف لنصائح زينب فأغدق عليه الهدايا الجمة وأفهمه من طرف خفى أنه غير راغب فى التخلى له عن رئاسة حركة المرابطين، ولم يجد أبو بكر إلا الرضوخ لهذا الأمر فما كان له من طريق سواه، ومن ثم عاد إلى الصحراء الغربية بعد أن أقام بعض الوقت فى "أغمات"، ويقال إن مهمته كانت بعدئذ فتح غانة وهداية أهلها، واختلف فى سنة هذا الفتح إذ يرجعه كتاب الاستبصار إلى عام ٤٦٢ هـ, ويؤخرها ابن عذارى إلى سنة ٤٦٨ هـ (= ١٠٧٥ م)، كذلك يختلف المؤرخون متى كان إسلام غانة، وإن كان من المرجح الآن أنه تم فى مستهل القرن الثانى عشر وقت أن كانت حركة المرابطين تكاد تلفظ أنفاسها فى المغرب.
ولما مات يوسف بن تاشفين سنة ٥٠٠ هـ (= ١١٠٦ م) كانت شهرته موضع كبرياء المسلمين فى المشرق حتى أن حامد الغزالى ودّ لو أنه لقيه، وقد عهد يوسف بالسلطة من بعده إلى ولده "على" فكانت له امبراطورية شاسعة تضم كل أقطار المغرب وبعض