المدنية الأصغر "مرو الروخى" أو "مرو النهرية" الواقعة أعلى النهر.
وتتوافر عن تاريخ "مرو" معلومات أكثر من أى مدينة أخرى فى فارس أو آسيا الوسطى، وإن كانت المصادر لم تفصح عن زمن معين يعود إليه تاريخ وادى "مرغاب"، إلا أن دراسة الآثار فى تلك المنطقة، هى التى يمكن أن يكون لها القول الفصل، ولازالت هذه الدراسة فى مراحلها الأولى. وعلى ضوء المعلومات المتاحة، فإن الأمر قد جرى كما يلى:
فى العصر "الأشمندى"(من القرن السادس حتى الرابع قبل الميلاد)، نشاهد مجتمعًا زراعيًا على درجة عالية من التطور فى إقليم "مرغاب" الواقع فى نطاق الدولة الفارسية ويصف لنا الكتاب الإغريق فى العصور القديمة، ويفيضون فى شرح ذلك، وخصوصًا الجغرافيين منهم والمؤرخين فى حملات الاسكندر الأكبر (٣٣٦ - ٣٢٣ ق. م). فهم لم يجدوا فقط فى هذا الإقليم مجتمعًا مستقرًا من السكان، وإنما أيضًا مجتمعًا ريفيًا يمارس الزراعة بتقنيات متطورة، وكانوا أيضًا يزرعون الكروم، ويصنعون منها خمورًا جيدة.
وتشير المصادر الكلاسيكية إلى "مرغاب" على أنها نهر "مارجوس" وإلى إقليم "مرو" على أنه "مارجيانا" وينسب البعض إنشاء المدينة إلى "الإسكندرا"، بيد أن المرجح أن بناءها أو إعادة بنائها يعود إلى فترة أبعد قليلًا حيث ينسب إلى ملك "السيليوسيين" أنتيكوس الأول سوتر (٢٨٠ - ٢٦١ ق. م)، فى وقت معاصر لبناء السور الذى كان يهدف إلى حماية المنطقة الزراعية من البدو القادمين من السهوب المجاورة ثم استوطنها أسلاف الشعب التركى، ولا يوجد ما يدعونا إلى التشكك فى تاريخ إنشاء "مرو".
وبصرف النظر عن التاريخ الذى يعود إليه إنشاء أقدم بناء فى منطقة وهو القلعة بالتحديد، وهذا ما ستكشف عنه نهائيًا دراسة الآثار. فإن الحقيقه المؤكدة، هى وجود زراعة متطورة فى وادى "مرغاب" اشتلمت على نظام للرى، فى وقت يسبق عصرنا هذا بقرون عديدة. ولا يعزى النمو السريع لواحة مرو إلى هذا فحسب، بل إن الفضل فيه يعود أيضًا