للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى أن طريق القوافل التجارية الضخمة، الذى كان يربط آسيا الغربية مع الصين، كان يمر عبر أراضيها فى المرحلة "البارثية"، فقد كانت القوافل القادمة من آسيا الغربية تمر عبر "مرو" إلى "بلخ" ومنها عبر "درواز" والجزء الشمالى "بادخشان" إلى "آلاى كاشجار" ثم أخيرًا إلى الصين. وفى الفترة الساسانية تحرك الطريق التجارى أكثر إلى جهة الشمال، فكانت القوافل تعبر "مرو" إلى "كارجوى" و"سمرقند" و"سميريك" أو أرض الأنهار السبعة. ولم تكن "مرو" مجرد مركز مزدهر على الطريق التجارى، بل كانت مدينة صناعية عظيمة، إلا أن التاريخ لم يفصح عن التفاصيل الكاملة للحياة فى هذه المدينة، إلا بعد الفتح العربى.

وبإعادة ترتيب المعلومات التى أضافها المؤرخون والجغرافيون العرب، تكتمل صورة ما كانت عليه "مرو" فى زمانهم وفى التاريخ القديم. ولكى نتفهم الدور الذى لعبته "مرو" فى الحياة الاقتصادية فى غريب آسيا وفى آسيا الوسطى، يجب أن نستعين بما ذكره العرب من الجغرافيين والمؤرخين السياسيين فى القرن (الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى) عن نظام الرى، والمستوى العالى من التنسيق والرقابة والصيانة لقنواته تحت إشراف "المتولى" أو "مقسم الماء" وهو المقابل للمصطلح الفارسى "مسئول الرى المحلى" (مير - آب). ويعمل تحت رئاسة هذا المسئول عن الرى، طاقم ضخم للصيانة المستمرة للقنوات يضم مجموعة من الغواصين. وكان هناك سد على "المرغاب" فوق المدينة، ينظم توزيع مخزون المياه، والذى يقاس عن طريق وحدة قياس أطلق عليها "مقياس" قياسًا على القياس النيلى الشهير. ويتكون هذا المقياس أساسًا من لوح خشبى مقسم إلى فواصل مدرجة بعلامات عند كل "شعيرة"، وكان هناك ديوانًا يسمى "الكاستبزود" (النقص والزيادة) -يحتفظ فيه بسجل لهؤلاء الذين يحق لهم المشاركة فى المياه.

وكانت الفترة من القرن (الثانى الهجرى/ السابع الميلادى) إلى القرن