معاوية فى الشام والجزيرة آمنًا هادئًا، ولم يكن يقلقه سوى مجئ "أبو ذر" إلى الشام، لكنه سرعان ما تبدد تخوفه منه حين استجاب الخليفه لطلبه واستدعاه من الشام إلى المدينة ليقيم فيها. ولقد كان على معاوية حماية جبهته وتحصينها أمام عدوان البيزنطيين، فأقام لذلك حاميات وحصونا قوية على طول الساحل السورى، كما بنى أسطولًا قويًا فى البحر المتوسط ولقد كان قيام حكومته القوية فى الشام واستمرار وجوده بها مؤديًا إلى الاستقرار، واستبعد قيام أعمال شغب فيها كتلك التى وقعت فى الكوفة، بسبب اعتماد معاوية على قواته السورية هناك. وحين حوصر الخليفة فى المدينة من قبل ثوار الأمصار سنة ٣٥ هـ/ ٦٥٦ م لم يكن بين هؤلاء الثوار أحد من رجال الشام. وكان معاوية من بين الولاة الذين استعان بهم الخليفة عثمان وقد جهز بالفعل قواته لذلك، لكن هذه القوات ارتدت عائدة إلى وادى القرى بعد أن وقع العدوان على ذى النورين.
ولقد أمضى معاوية جلَّ وقته فى الشام فى الوقت الذى كان الصراع فيه بين على وخصومه المكيين فى معركة الجمل فى البصرة سنة ٣٦ هـ/ أواخر سنة ٦٥٦ م. ولمَّا قام علىّ بعزل ولاة عثمان مما بيدهم من الولايات بما فيهم معاوية، لم يستسلم معاوية لرغبة على. ولقد وجد مبعوث على إلى معاوية بالشام معارضة من أهلها لحكم على مع اعتباره مسئولًا عن مقتل عثمان. ولقد عاد هذا المبعوث يحمل لعلى معلومات مفادها أن أهل الشام سوف يقاتلونه ويقاتلون من يلتجئ إلى صفوفه من قتلة عثمان على الأرض التى قتل عليها. وقد تلت ذلك المجابهة فى صفين، آواخر سنة ٣٦ وأوائل سنة ٣٧ هـ/ ٦٥٧ م.
أما عن تفاصيل المعركة ذاتها فينبغى أن نشير هنا إلى أن أهل الشام لجأوا إلى حيلة "التحكيم"، برفع المصاحف على أسنة الرماح ونادوا بوقف القتال. ولقد لخص خليفة بن خياط نتيجة التحكيم بصفين فى جملة واحدة وهى أن "المحكمين لم يتفقوا على شئ".